الاتحاد الأوروبي يُفكر في حظر الهواتف بالمدارس

تدرس دول الاتحاد الأوروبي فرض حظر شامل على استخدام الهواتف المحمولة في المدارس، في ظل مناقشات يجريها وزراء التعليم والشباب بشأن مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى حماية الطلاب من الإفراط في التعرض للتقنيات، والتنمر الإلكتروني، ومخاطر أخرى متصلة بالعالم الرقمي.

من بين المقترحات المطروحة، فرض قيود أكثر صرامة على وصول المستخدمين دون السن القانونية إلى منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب مبادرات موسعة لمكافحة التنمر عبر الإنترنت. وتعكس هذه النقاشات القلق المتزايد من تأثير الأجهزة الرقمية السلبي على تركيز الطلاب وصحتهم النفسية وتطورهم الاجتماعي.

وتقود إيطاليا هذه الجهود من خلال اقتراح قدّمه وزير التعليم الإيطالي جوزيبي فالديتارا خلال محادثات أُجريت مؤخرًا في بروكسل، يدعو فيه إلى حظر استخدام الهواتف الذكية في الفصول الدراسية للأطفال دون سن 14 عامًا على مستوى دول الاتحاد الأوروبي. وقد حظي المقترح بدعم 11 دولة من بينها فرنسا، السويد، النمسا، قبرص، واليونان. وتشمل المخاوف المشتركة التشتت الذهني، والتعرض للمعلومات المضللة والمحتوى الضار، والإدمان على وسائل التواصل، والتحرش والتنمر الإلكتروني.

تطبق عدة دول أوروبية بالفعل قيودًا على استخدام الهواتف المحمولة في المدارس، لكن مدى تطبيقها يختلف من دولة إلى أخرى، بل وأحيانًا من مدرسة إلى أخرى. ففي بعض الحالات، تُمنع الهواتف تمامًا، بينما يُسمح باستخدامها في أوقات محددة مثل فترات الاستراحة.

في إسبانيا، يوصي مجلس المدارس الحكومية بأن يُطفئ طلاب المرحلة الثانوية هواتفهم عند دخول المدرسة وحتى مغادرتها، بينما يُفضل ألا يُسمح لأطفال الحضانة والمرحلة الابتدائية بإحضار هواتفهم إلا لأسباب رسمية. أما في الدنمارك، فقد أعلنت الحكومة نيتها حظر استخدام الهواتف في المدارس وبرامج ما بعد المدرسة. وفي النمسا، دخل حظر مماثل حيّز التنفيذ هذا الشهر، ويشمل الفصول الدراسية وأوقات الاستراحة.

وفي السويد، اقترحت الحكومة فرض حظر كامل على استخدام الهواتف المحمولة في المدارس الإلزامية حتى سن 16 عامًا، مع جمع الأجهزة في بداية اليوم الدراسي وإعادتها عند الانصراف. أما في ألمانيا، حيث تُدار السياسة التعليمية على مستوى الولايات، فقد بدأت بعض الولايات باتخاذ خطوات لتنظيم استخدام الهواتف، فيما اعتمدت العديد من المدارس قواعد خاصة بها.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا بدوره إلى التحقق من أعمار المستخدمين قبل تسجيلهم في منصات التواصل الاجتماعي، مشددًا على ضرورة “خوض معركة أوروبية موازية” لحماية الأطفال.

في المقابل، يرى معارضو الحظر أن الهواتف المحمولة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، وتُعد وسيلة مهمة للتواصل العائلي وتتبع الأطفال. ويعتمد العديد من الآباء على الهواتف الذكية كوسيلة للأمان والمراقبة.

ويحذّر بعض المتخصصين من أن الحظر قد يؤدي إلى نتائج عكسية. حيث يقول بنيامين ثول، خبير حماية الطفل في ألمانيا، إن “الهاتف الذكي هو الوسيلة التي يُدار بها كل شيء اليوم، وأعتقد أن من الخطأ حظره في المدارس”. وأضاف أن بعض الأطفال لا يكتسبون المهارات الإعلامية في المنزل، لذا يجب أن يكون للمدرسة دور أساسي في هذا المجال.

ومع استمرار النقاش داخل دول الاتحاد الأوروبي، تبرز معضلة أوسع: كيفية تحقيق التوازن بين دمج التكنولوجيا في التعليم من جهة، وحماية صحة الطلاب النفسية والاجتماعية من جهة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP to LinkedIn Auto Publish Powered By : XYZScripts.com