ثم ماذا بعد … عيد الحسا غير!!

عندما تسأل أي أحسائي أينما كان، عايشًا داخل الأحساء أو خارجها… “وين العيد؟” سريعًا سيرد عليك: “الحسا حساك.. ولو الزمن نساك”… العيد في الحسا غير… بل يستذكر أناشيد الطفولة: “باشر العيد ونلبس الجديد.. جديد القلب وغيره ما نريد”، وفي عيد الأضحى يُضاف إليها: “باشر العيد ونذبح بقرة.. وأنادي سعيد كبير الخنفرة”، وصوت الفرح بدق الطبل والليوة والخماري والمجيلسي وصوت اليامال.

في الحسا… العيد في حاراتنا غير… لبس العيد… بشت العيد… زينة العيد… بخور العيد… صلاة العيد… عيدية العيد… حلا العيد… جمعة العيد… فطور أو غداء العيد… وبسطة الفريج… ومعايدتنا… في مساجدنا… في بيوتنا… في مجالسنا… في مزارعنا… في شوارعنا… الحسا كأنها جنة… تلفها البهجة من كل مكان.

في الحسا، علاقاتنا الاجتماعية غير… بتكاتفنا وبمحبتنا… مغروسة وسط الأرض كجذور نخيلنا… بالحلم والأناة… نتنفس سعادة وطيبة وتسامح… نصنع الفرح وننشره عطرًا بريحة “الطبينة” بعد الغروب… وتشرق شمسنا على بساطتنا وحلو لهجتنا “أها عاد”، أقلط على “خبز حمر” و “تمرة خلاص” وقهوتنا و “ماي بطعم اللقاح”.

في الحسا… يوم العيد تتصافى فيه النفوس وتتآلف القلوب، وإن تباعدت الأجساد، وكأن لسان الحال يقول:

“من الفرحة نسيت أني عليك البارحة زعلان…
نسيت أقول لو تسمح تكرم لا تكلمني…
أهلي بك مثل ما أنت تهلي بي وأنا الشفقان…
أحس إني أنا الغلطان وفرصتك ما تعلمني”.

في الحسا… حتى رسائلنا في المعايدة غير… تنوعت بتنوع ثقافتنا، فلربما تأتيك التهنئة أدبًا أو شعرًا، كتهنئة ابنُ عُوَيّد ذو الكنيتين في رائيته:

سَيكونُ عِيْدُ الفِطْرِ لي ذِكْرَى
أشْتَمُّ أحبابي بِهِ عِطرَا!!

رمضانُ وَدّعَنا بِنَفْحَتِهِ
والعِيْدُ ها هُوَ يَعْزِفُ البُشرَى!!

بُشْرَى اللِّقاءِ بِكُم غَنيمتُنا
وقُلوبُنا فاضتْ بِهِ نَهْرَا!!

ابْنُ العُوَيِّدِ صاغَ بَهْجتَهُ
عِيْديّةً، قد رَفرفَت شِعْرَا!!

هَذي هِيَ الأحْسَاءُ فاتنةٌ
هَجَرٌ بِكُم، قد عَيّدَتْ فَخْرَا!!

ختامًا… عيد الحسا غير… عيد الحسا تاريخ وحضارة تتوارثه الأجيال جيلًا بعد جيل.

وليد بن محمد الشويهين
باحث دكتوراه في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال
@shwyheenw

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP to LinkedIn Auto Publish Powered By : XYZScripts.com