في شمال واحة الأحساء ويعود تاريخها إلى أكثر من 10 آلاف سنة، وتُعد من أقدم الحضارات في المنطقة، وتمتلك كنوزًا تاريخية. ورغم تلك السنين، إلا أن تراثها ما زال حاضرًا، فهي تُعد من أكبر مدن الأحساء من حيث المساحة الجغرافية والكثافة السكانية.
إنها مدينة “العيون”، فتسميتها تعود إلى وفرة عيون المياه والينابيع بها، والتي تصل إلى 400 عين جارية، ومنها عين “قناص” التي اشتهرت بخيرها وكرمها بتدفق مياهها. فتلازم هذا الكرم والخير مع أهلها، فبادروا لخدمة مجتمعهم من فقراء ومساكين وأرامل وأيتام وسائر المحتاجين، من خلال دعوتهم لتأسيس “جمعية العيون الخيرية للخدمات الاجتماعية”.
خيرية العيون تأسست منذ أكثر من 40 سنة، وتحديدًا عام 1405هـ، وتُعد من أوائل الجمعيات في الأحساء، إذ جاءت بعد تأسيس جمعية البر الأم بخمس سنوات. وقد حددت لها عدة أهداف، منها تقديم المساعدات المادية والعينية للفئات المحتاجة من الأرامل وأبنائهم الأيتام والمطلقات والمساكين وأسر السجناء، وكذلك تحسين المستوى المعيشي للفئة المستفيدة وتأهيلهم وتمكينهم للاعتماد على أنفسهم، وتدريب أبناء المستفيدين وتأهيلهم لسوق العمل، إلى جانب تقديم المساعدات الطارئة في أوقات الكوارث والأزمات.
خيرية العيون وصل خيرها العام المنصرم إلى أكثر من 2200 أسرة، وبلغت مبالغ المساعدات نحو 3 ملايين ريال، توزعت على الزكاة، وكفالة الأيتام والأسر، وكفارة اليمين، وسداد الديون والإيجارات وفواتير الكهرباء، وتأمين وصيانة الأجهزة الكهربائية، وكسوة العيد، والحقيبة المدرسية، بالإضافة إلى السلة الرمضانية والغذائية، وكذلك المساعدات العينية والطارئة والصحية والشتوية والخدمات العامة وأسر السجناء، وأيضًا فرحة المواليد. وقد استفاد من تلك المساعدات نحو 10,700 مستفيد ومستفيدة.
ارتكزت خيرية العيون في استراتيجيتها الخمسية على أربعة محاور رئيسية: الإدارة والقيادة، والبنية التحتية، والمسؤولية الاجتماعية، والتمويل والاستثمار. وكانت أهدافها الاستراتيجية تحقيق الاستدامة المالية، وإنجاح المشاريع والأنشطة الخيرية، وتدريب المستفيدين وتأهيلهم وتمكينهم من سوق العمل، إلى جانب تقديم العون والمساعدات النقدية والعينية لجميع فئات المحتاجين من أيتام وأرامل ومطلقات وعوانس وفقراء وأسر السجناء وذوي الاحتياجات الخاصة والمساكين، وكذلك مساعدة وتشجيع الشباب على الزواج.
ثم ماذا بعد… يا خيرية عيون الأحساء!!! فبعد تلك الجهود، ما المفاجآت القادمة المنتظرة من تقديم الخدمات النوعية لتحقيق المجتمع المتكامل، وتوظيف الطاقات البشرية لتنمية الموارد بأعلى حرفية؟
ختامًا… جمعية العيون الخيرية للخدمات المجتمعية، يومًا ما ستكون في طليعة المنظمات الخيرية، وستتبنى أعلى معايير الجودة ماديًا وإداريًا.
وليد بن محمد الشويهين
باحث دكتوراه في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال
@shwyheenw