كيف ساهم الأدباء في صناعة الصحافة؟ … ندوة تفتح آفاق النقاش في جمعية أدباء بالأحساء

أقامت جمعية أدباء في محافظة الأحساء مساء يوم الثلاثاء الموافق 30/6/1446 ندوة أدبية وإعلامية حملت عنوان “بين الصحافة والأدب”. انعقدت الندوة في مقر الجمعية بحضور عدد من المثقفين والأدباء والإعلاميين والصحفيين، وأدارها الأستاذ ماجد العرجي. قدم للندوة المدير التنفيذي للجمعية الدكتور ماهر المحمود، وشارك فيها الدكتور إبراهيم منصور والأستاذ عادل الذكر الله.

بدأت الجلسة بورقة لمدير الأمسية الأستاذ ماجد العرجي تناول فيها: “علاقة الصحافة بالأدب ودور الأديب في الصحافة”، وذكر أن ما تؤكده الكثير من الدراسات المختصة في تاريخ الصحافة أن الأسباب الداعية إلى نشأتها كانت في أغلب الأحيان عوامل سياسية واجتماعية، مثل ما هو الحال بالنسبة لتاريخ الصحافة الفرنسية في القرن الثامن عشر، غير أن أكثر الذين تولوا شأن الإشراف على الكتابة فيها وتحريرها كانوا في الغالب من الأدباء والكتاب والفلاسفة. ومن غريب الصدف أننا وجدنا الشيء نفسه في نشأة الصحافة العربية في بغداد والقاهرة وبيروت منذ العقود الأولى من القرن التاسع عشر.

ومما يؤكد ريادة رجال الفكر والأدب في العمل الصحفي ما أصبحت عليه الصحافة العربية منذ بدايات القرن العشرين من فتح منابر إعلامية ونقدية استقطبت كبار الأعلام والأقلام، التي جعلت من الصحافة – بوجه عام – والصحافة المختصة تحديدًا في شؤون الأدب وسيطًا بين الناقد والقارئ أو بين المبدع والمتلقي. وهذا ما تشهد عليه التجربة المصرية الرائدة منذ مطلع القرن العشرين حيث برزت أسماء عدة مثل: (عبدالله النديم – لطفي السيد – هيكل – بيرم التونسي – الرافعي – الزيات – العقاد – المازني – طه حسين – توفيق دياب – المنفلوطي… وغيرهم الكثير).

وقس على ذلك تاريخ الصحافة اللبنانية منذ أواسط القرن التاسع عشر، والذي لعب أدباؤها أدوارًا مهمة في تطوير الكتابة النقدية، ومن هؤلاء الأدباء: (رزق الله الحلبي – سوري ولكنه وجد مساحة الكتابة في صحف بيروت – بطرس البستاني – مؤلف أول قاموس عربي عام لكل فن ومطلب بمسمى “دائرة المعارف” – أحمد فارس الشدياق – المسرحي اللبناني… وغيرهم الكثير).

أما الصحافة السعودية، فلم تتأخر في النسج على منوال الصحافة المصرية واللبنانية، فكان أن تأسست عام 1908م بالحجاز بمسمى صحيفة “الحجاز”، وبرز عدد من أسماء الأدباء مثل: (أحمد حقي أفندي – أحمد جمال أفندي – محمد الشلهوب – عبدالقدوس الأنصاري – حمد الجاسر – عبدالمحسن التويجري – أحمد زيني دحلان… وغيرهم الكثير).

وعن دور الأديب في الصحافة، ذكر أنه يؤدي دورًا أساسيًا في الرفع من مستوى الكتابة حتى التي لا تكون موضوعاتها أدبية، فالمقالة الصحفية نوع من الكتابة يقوم على الاختصار والإيجاز والتركيز، لكنها أيضًا تستخدم أساليب في الكتابة ترغب القارئ وتستميله.

وختم بأن الأديب والصحفي يشتركان في استخدام الكلمة بما هي أداة للتواصل والتأثير في إثراء المشهد الإعلامي والثقافي.

بعد ذلك، طرح الأستاذ عادل الذكر الله ورقته التي تناولت عدة موضوعات كان من أبرزها: علاقة الأدب والصحافة وتأثير كل منهما في الآخر. كما تحدث عن كيفية تأثر الصحافة بالأدب والعكس، وكيف يسهم الأدب في إثراء المحتوى الصحفي.

كما تناولت الندوة تاريخ الصحافة في الأحساء وأعلامها من الأدباء، مسلطة الضوء على الشخصيات التي تركت بصمة واضحة في هذا المجال. ولم تغفل الندوة عن التطرق إلى بعض القضايا التي تواجه الصحافة، حيث أشار المشاركون إلى مجاملات النشر والشللية التي قد تؤثر على جودة المحتوى في الصحافة الورقية. كما نوقشت هيمنة برامج التواصل الاجتماعي على الساحة الإعلامية مؤخرًا، وضرورة توجيه الاهتمام نحو تحسين المحتوى، والارتقاء بمستوى الإعلاميين والصحفيين لغويًا وأدبيًا.

أما ورقة الختام فجاءت من الدكتور إبراهيم منصور، حيث ذكر أنه في ظل التحول الرقمي تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصات يستطيع من خلالها كل فرد طرح ما يراه مادام هناك متابعون لإنتاجه. أما الصحافة الورقية فقد أفردت صفحات وملاحق أدبية واستطاعت أن تخدم الأدب بشكل كبير، وكثير من الأدباء والكتاب كانت بدايتهم عبر الصحافة التي صنعت ذائقة مختلفة وقارئًا نخبويًا.

ولم تخل الصحافة من المجاملات التي لها أسبابها، وأهمها تخلي الناقد عن دوره وانسياقه خلف مصلحة شخصية أو سياسة عامة للصحيفة. وهذا بدوره صنع ما يمكن تسميته بالفساد الأدبي الذي يجعل صاحب النص يحصل على حق غيره من المبدعين الحقيقيين. كما أن وجود الشللية رسخ لهذه الفكرة التي تؤصل لنشر ما يتفق مع أفكار وتوجهات الصحيفة أو التيار الأدبي الذي تتبناه. وقد يجبر المحرر على نشر نصوص لا ترقى للمستوى المطلوب لملء مساحة، وقد يكون العكس. وهناك سلطة الشهرة التي تجبر الصحيفة على نشر نصوص لمشاهير، وإن تدنى مستوى كتابتهم، بزعم أن هذا ما يرضي الجمهور. لكن يتبقى جزء من المجاملة المقبولة حين يقدم العمل لموهبة في بدايتها.

لقيت الندوة تفاعلًا ملحوظًا من الجمهور الذي شارك بمداخلات قيمة، مما أضاف للندوة أبعادًا جديدة من النقاش. وفي ختام الفعالية، قام رئيس جمعية أدباء، الدكتور محمود آل ابن زيد، بتكريم المشاركين تقديرًا لجهودهم وإسهاماتهم في إنجاح الندوة، ثم التُقطت الصور التذكارية لتوثيق هذه المناسبة التي جمعت بين محبي الأدب والصحافة في جو من الإثراء الثقافي والمعرفي.

تعليق واحد على “كيف ساهم الأدباء في صناعة الصحافة؟ … ندوة تفتح آفاق النقاش في جمعية أدباء بالأحساء

  1. ما شاء الله عمالقة الأدب والصحافة مجتمعين هنيئا للحاضرين والذين استمعوا إلى نقاشاتهم القيمه التي أثرت الأدب والصحافة بالاحساء موطن الشعر والصحفيين والادباء فشكرا لعملاق الصحافة الاستاذ عادل بن سعد الذكر الله وعملاق الأدب الشاعر القدير الدكتور إبراهيم بن عبد اللطيف منصور .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP to LinkedIn Auto Publish Powered By : XYZScripts.com