ثم ماذا بعد… يا أفلاذ الأحساء؟

 

عمرها نحو عشر سنوات، قدمت خلالها خدماتها لأكثر من 80 ألف طفل وطفلة، و43 ألف أسرة. صممت ونفذت 370 برنامجًا ودورة تدريبية. تطوع معهم نحو ألف متطوع ومتطوعة، محققين 8 آلاف ساعة تطوعية. تُعد الجمعية أول مركز متخصص في مجال الطفولة في المملكة.

إنها جمعية أفلاذ لتنمية الطفل بالأحساء؛ بيئة تربوية تعليمية لرعاية حياة الطفل وفطرته ونموه الخلقي والعقلي والجسمي، وتكوين العادات والاتجاهات الإيجابية والسلوكية السليمة. تستخدم أحدث التقنيات التربوية في التعليم والتدريب، بكوادر مؤهلة ومدربة على التعامل مع هذه الفئة، لإشباع رغبات الطفل في اللعب والتعلم وحب الاكتشاف.

أفلاذ.. هدفها المساهمة في تنمية مهارات الطفل، وتقديم البرامج التربوية والمهارية، وتعزيز القدرات المعرفية والسلوكية، وكذلك تمكين المربين من الأدوات الحديثة في تربية الطفل، وتأهيل العاملين المتخصصين في مجال الطفولة، بالإضافة إلى المشاركة في الأبحاث والدراسات المتعلقة بها.

أفلاذ.. تنوعت مشاريعها وبرامجها من تنظيم ملتقى الطفولة إلى مشروع “بوصلة المربي” ببرامج مختلفة، منها تنمية المهارات الحياتية للطفل، والمهارات الوالدية للزمن الرقمي والافتراضي، وبناء عقل الطفل وتحمله للمسؤولية. كما قدمت مشروع “نماء”، الذي ركز على برامج الجرائم المعلوماتية، وإدارة الوقت والأولويات، وفنون إدارة فرق العمل، ومهارات التفاوض. كما تنفرد بمشروع “سفراء أفلاذ” وأبرز برامجه: “أحموا براءتي” الجسمية والنفسية والفكرية، بالإضافة إلى مشروع الاستشارات، الذي يتضمن الاستشارات الحضورية والهاتفية والإلكترونية، وكذلك تأهيل وتطوير مهارات المستشار التربوي.

أفلاذ.. مبادراتها نوعية، ومنها “مركز شمل”، وهو مكان مهيأ لتقديم الإرشاد الاجتماعي والنفسي، لتمكين أحد الوالدين غير الحاضن من زيارة ورؤية الأبناء في بيئة آمنة. يقدم المركز الدعم النفسي والاجتماعي لأطراف النزاع، كما يُمكن من رؤية أحد الوالدين لأطفاله من خلال خدمة الزيارة الداخلية للأسر المنفصلة، وصولًا إلى التهيئة النفسية للأطفال، مما يُسهم في تخفيف النزاع والتوتر بينهم، ولربما يعود الوالدان لبعضهما ويلتم شمل الأسرة. وكأن لسان حالهم يقول:

“في كل ركن منهم أثرٌ… وبكل زاوية لهم صخبُ… في النافذات زجاجها حطموا… في الحائط المدهون قد ثقبوا… في الباب قد كسروا مزالجه… وعليه قد رسموا وقد كتبوا”

“فنشيدهم “ماما” إذا فرحوا… ووعيدهم “بابا” إذا غضبوا… وهتافهم “ماما” إذا ابتعدوا… ونجيهم “بابا” إذا اقتربوا”

ولم تقف أفلاذ عند هذا الحد، بل تعدت مبادراتها للمجتمع من خلال تبني مبادرة “جيل أخضر”، كحملة توعوية نوعية يشارك فيها الأطفال مع أسرهم بأنشطة وفعاليات شيقة موجهة لتعديل الاتجاهات السلوكية في التعامل مع موارد البيئة المختلفة. تنطلق الأحساء بهذه الحملة إلى باقي المدن والمحافظات، كمبادرة نوعية في مجال التوعية البيئية والتوجه نحو المدن الخضراء. تعتمد الحملة على التطبيق العملي والتدريب على التعامل مع الموارد البيئية والتدوير والطاقة النظيفة.

أفلاذ.. لم تكن منغلقة على نفسها، بل سابقت الزمن في إدارة المعرفة ونقلها. اعتمدت على التكنولوجيا والاستراتيجيات الحديثة في العمليات من خلال النظم والذكاء الاصطناعي للوصول إلى المعلومات، بحيث تكون متاحة ومهيكلة للوصول إليها بسهولة. تبدأ خارطتها بجمع المعرفة ثم تخزينها، وصولًا إلى نقلها من خلال التدريب والتوثيق، مع العمل على تحسين وتطوير المعرفة عبر التعلم المستمر، التغذية الراجعة، وتحليل البيانات المتاحة، ثم تطبيقها عمليًا. تسعى الجمعية إلى مشاركة المعرفة وتبادل الخبرات والتجارب مع الباحثين والمهتمين في مجال الطفولة وتنميتها.

ثم ماذا بعد… يا أفلاذ الأحساء؟! فبعد هذه الإنجازات، ما المفاجآت القادمة المنتظرة لتعزيز ودعم برامج تهيئة الطفل ليكون عضوًا صالحًا ومنتجًا في المجتمع، من خلال تقديم خدمات وقائية وتوعوية وإرشادية لكافة الأطراف المتصلة بمنظومة تنمية الطفل؟

ختامًا… جمعية أفلاذ.. ملاذ آمن لتنمية الأطفال.

وليد بن محمد الشويهين

باحث دكتوراه في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال

@shwyheenw

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP to LinkedIn Auto Publish Powered By : XYZScripts.com