ثم ماذا بعد… يا أصدقاء الأشخاص ذوي الإعاقة!!

“لا تقل إني معاق مدّ لي كفّ الأخوة… ستراني في السباق أقطع الشوط بقوة” .. هكذا كان لسان حال الأشخاص ذوي الإعاقة، ومن هنا سعت الأحساء لتكون “صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة”، ومن الأوائل التي نظرت إليهم كطاقات وطنية ولم تنظر إليهم بنظرة الشفقة والإعاقة، بل سعت بجميع مكوناتها لتعزيز الخدمات المقدمة لهم من رعاية ووقاية وتأهيل، وكذلك الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية والتربوية والإعلامية، بالإضافة إلى إطلاق البرامج التوعوية والتثقيفية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

تضافرت جهود العديد من القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمعية لإطلاق العديد من المبادرات مثل “الوصول الشامل”، و”مدينتنا بلا عوائق”، ومبادرة “المواقف الخضراء” بهدف تخصيص مواقف مجانية لمركبات الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن نطاق المواقف “مدفوعة الأجر”، ومبادرة “نعين لحياة أفضل”.

ولتعزيز صداقة الأحساء للأشخاص ذوي الإعاقة جاء القطاع الثالث “غير الربحي” ليكون لهم جمعية خاصة تحت اسم “جمعية الأشخاص ذوي الإعاقة بالأحساء” التي تأسست عام 1433هـ، لتقدم خدماتها العلاجية والتأهيلية والاجتماعية في مدن الأحساء وقراها وهجرها، مساندة لهم ولأسرهم في التعايش مع الإعاقة، وتبصيرهم بحقوقهم والدفاع عنها، والإسهام في تأهيلهم وتوظيفهم بمهن تتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم، لتمكينهم من إيجاد مصدر دخل كباقي أفراد المجتمع، وإقامة البرامج الكفيلة بتحقيق مبدأ التكافل والاندماج في المجتمع.

ووصل عدد المستفيدين من الجمعية نحو 3200 مستفيد، تم تقديم 50 مبادرة مختلفة ونوعية لهم، مثل توفير العلاج التأهيلي، والتعليم الجامعي، والتدريب والتأهيل والتوظيف، وتوفير المواصلات، وصيانة الأجهزة الخاصة بالإعاقة، وكذلك الخدمات المقدمة لكبار السن.

وأولت الجمعية اهتمامها بالأطفال من خلال مركز شذى للرعاية النهارية الذي افتتح عام 2018م، بهدف تقديم الخدمات التأهيلية والتعليمية للأطفال ذوي الإعاقة في سنوات عمرهم الأولى. يضم المركز نحو 100 مستفيد، يقدم لهم حزمة من البرامج مثل: طيف التوحد، وفرط الحركة وتشتت الانتباه، والتأخر الذهني، ومتلازمة داون، وبرامج ذوي الإعاقة الحركية. كما يقدم المركز عددًا من الخدمات مثل: النمو والتخاطب، والعلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي، والتكامل الحسي، وتنمية المهارات، بالإضافة إلى الإرشاد الأسري، وتطبيق المقاييس النفسية وتعديل السلوك.

كما تحتضن الجمعية فريق أمل التطوعي لذوي الإعاقة السمعية، الذي يعد من أنشط الفرق على مستوى المملكة، حيث يهتم بالصم وضعاف السمع، ويذلل العقبات التي تواجههم من خلال العمل على تمكينهم ودمجهم في المجتمع. وصل عدد أعضاء الفريق التطوعي إلى 450 متطوعًا ومتطوعة، وله مشاركات وفعاليات كثيرة، كتنظيم المعارض والأنشطة التي تسهم في إبراز قدرات الصم وضعاف السمع ومواهبهم، بالإضافة إلى توعية المجتمع بهذه الفئة وكيفية التعامل معها، كل حسب احتياجه من خلال اللغة الإشارية.

وتتويجًا لتلك الجهود، حققت الجمعية العديد من الجوائز والتكريم. ففي عام 2021م، نالت المركز الأول في الجائزة الوطنية للعمل التطوعي لفئة القطاع غير الربحي مسار المشاريع التطوعية عن مبادرتها الرائدة “مدينتنا بلا عوائق”. كما حققت المركز الأول في جائزة “الإنسان أولاً” في اليوم العالمي للعمل الإنساني 2021 ضمن ملتقى “صور إنسانية من المنطقة الشرقية”. وحصلت على “وثيقة تأسيس وحدة الحوكمة” لإنهائها متطلبات مشروع “مُحكم” الذي أطلقته الجمعية الخيرية لتطوير العمل التنموي (تنامي) في عام 2022م.

كما حصلت الجمعية على عدد من شهادات الشكر والتقدير نظير مشاركاتها المجتمعية في العديد من المناسبات الوطنية والمجتمعية والمعارض والملتقيات لتعريف ببرامجها المختلفة، إلى جانب توقيع عدد من الشراكات الاستراتيجية والمجتمعية مع عدد من الجهات العامة والخاصة والمانحة لتعزيز دورها المجتمعي في خدمة المستفيدين.

ثم ماذا بعد.. يا أصدقاء الأشخاص ذوي الإعاقة؟
فبعد تلك الإنجازات، ما المفاجآت القادمة المنتظرة لتعزيز ودعم إنشاء مراكز متخصصة لكل إعاقة، والتوسع في برامج التدريب المنتهية بالتوظيف، وزيادة تهيئة البيئة العمرانية للوصول الشامل، ورفع مستوى الوعي المجتمعي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؟

ختامًا… جمعية الأشخاص ذوي الإعاقة بالأحساء… عطاء بلا حدود.

وليد بن محمد الشويهين
باحث دكتوراه في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال
@shwyheenw

“لا تقل إني معاق مدّ لي كفّ الأخوة… ستراني في السباق أقطع الشوط بقوة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP to LinkedIn Auto Publish Powered By : XYZScripts.com