حينما وصل الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية، التي تعتبر مهدًا للدولة السعودية الأولى، كان قد وصل إلى مركز الحكم الذي يحمل في طياته تاريخًا طويلًا، فقد استمرت سلالة الحكم في الدرعية لأكثر من قرنين قبل وصوله.
وكان أمير الدرعية (الإمام محمد بن سعود) وأفراد عائلته متمسكين بصمود وإصرار شديدين على الحفاظ على هذا السلطة.
وهنا تتجلى أمامنا صورة تاريخية تشد الأنظار، وتلمع ببريق المجد، عندما نتوقف لنتحدث عن سيرة حكم أسرة ال سعود في أراضي الجزيرة العربية.
ومن الدرعية انبعث الإمام محمد بن سعود بروح السياسة، والشيخ محمد بن عبدالوهاب بقوة الدين، لنحت تفاصيل الدولة السعودية الأولى وذلك عام 1727 م.
والصفة البارزة لتلك الدولة هي إشاعة الأمان والسكينة في جزيرة العرب، حيث كانت غائبة قبل ذلك الزمان.
يقول ابن سند أحد مؤرخي جزيرة العرب، رغم عدائه للدولة السعودية الأولى: (أن من محاسنهم انعدام الشر وتأمين الطرق والسبل، فانتقلت أخلاق الأعراب من التوحش للإنسانية…).
ويتضح لنا أن هدف هذه الدولة هو الحفاظ على أمن وسلامة مواطنيها، بما في ذلك توطين البادية.
وهذا القول يأتي من أعداء الدولة، مما يعتبر إثباتًا لقوتها وليس ضدها.
وفي رسالة وردت من الإمام عبدالله بن سعود، أحد أئمة الدولة السعودية الأولى وآخر أمرائها، إلى محمد علي باشا قال فيها: (إننا جاهدنا الأعراب حتى أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة، وألزمناهم صيام رمضان وحج بيت الله الحرام، ومنعناهم من ظلم العباد والسعي في الأرض بالفساد …)
ونجد هنا أن همّ أئمة السعودية الأوائل كان يتمثل في تحقيق الشريعة الإسلامية ونشر الأمان والسلام والاستقرار، وقد تحققت لهم هذه الأمور بجدارة واجتهاد.
وفقًا لهذا المبدأ، تم بناء الدولة السعودية الثانية والدولة السعودية الحديثة (المملكة العربية السعودية) على يد موحدها الراحل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، الذي يعتبر رمزًا للوحدة والتلاحم.
واليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفقه الله ننعم في أمن وسلام واستقرار وازدهار، ويعيش المواطن والمقيم في هذا البلاد المباركة، ويقدم له ما يوفر له راحته واطمئنان نفسه، ونتذكر بهذا اليوم الموافق 22 / فبراير يوم تأسيس المملكة الذي مر عليه مئتان وسبعة وتسعون عاماً كيف كانت مرحلة التأسيس قاسية ومتعبة، فقد واجهت الدرعية حرباً قوية من محمد علي باشا، ولكن هذه الحرب لم تثني هذه الأسرة المباركة على السير في تأسيس دولة قوية، فسرعان ما عادت لتنهض مجددا في طورها الثاني لتعاني كذلك، ثم يعود الملك لأهله في مرحلته الثالثة والحديثة على يد الموحد الملك عبدالعزيز الذي بنى دولة حديثة عظيمة ليسير أبناؤه من بعده على نهج البناء ووصولاً لعهدنا الحالي الذي نعيشه فنسأل الله أن يحفظ دولتنا من كل شر وفتن، ويوفق ولاة أمرنا لكل خير، ويمكنهم من خدمة دينهم ورعاية مصالح مواطنيهم، وعاشت بلادي حرة أبية.
ماجد بن عبدالهادي العرجي
مدير تحرير صحيفة المنصة الأولى