-
وزارة الثقافة تجاوزت التنميط إلى المعايشة الحية.
-
الشاعر السعودي أصبح يؤمن بأهمية المرحلة.
-
التجارب الشعرية دخلت معتركا جديدا يتعلق بمعطيات الزمن ..
-
الشاعر عائم بين مد التغير وجزر المقاومة للروتين.
-
عندما تفشل الفعالية .. ابحث عن الشركات المنفذة للبرامج.
وصف الشاعر جاسم عساكر خلال حديثه مع “المنصة الأولى” المشهد الأدبي الحالي في المملكة بالطفرة الكبيرة التي طرأت على الحركة الشعرية مؤخرا بدعم وجهود وزارة الثقافة.
وخلال حواره كشف “عساكر” عددًا من التغيرات الجذرية التي جعلت الشعر في حالة ازدهار ونمو، حيث قال: “كان يكفي من إيمان وزارة الثقافة بالشعر أن تنتقل به من يوم واحد في العام إلى العام كله، حينما أطلقت مسمى (عام الشعر) على العام (2023م) ولم يكن ذلك إلا إدراكًا منها أن المملكة هي حاضنة أهم الشعراء في تاريخ العرب منذ القدم لتُعيد سيرتهم الأولى وتقدمهم إلى واجهة المشهد عبر إحياء مهرجانات كبرى، تكريسا للشعرية العربية مثل (مهرجان الأعشى) و(مهرجان امرئ القيس) و(مهرجان طرفة) والتي في مجملها تجاوزت التنميط في تقديم الشعر إلى المعايشة الحية عبر استدعاء تلك الشخصيات ممثلة فيمن يجسدها على مستوى المكان والملابس التاريخية والأداء، كل ذلك مع ما يظهر المهرجان بحلة أجمل، من ديكورات وخلفيات موسيقية وسواها عدا ما يقام من أمسيات شعرية وأنشطة وفعاليات مصاحبة، وهذا غيض من فيض مما قدمته الوزارة مؤخرا من جهود فلم أتحدث بعد عن أمسيات معارض الكتب والمسابقات الشعرية الكبرى، والشريك الأدبي وجمعيات الأدب، وإذا نسيت فلا أنسى حدثا هائلا يعنى بالشعر وهو إطلاق القناة الثقافية التي راحت تنشر أريج الأدب عبر باقة من برامجها التي تقدمها على مدار (24) ساعة .
الشاعر عائم بين مد التغير وجزر المقاومة للروتين
وذكر عساكر أن التغيير على جميع الأصعدة، هو موجة إما أن يركبها الشاعر وإما أن يغرق فيها ، فهو قطار إما أن يركب الشاعر إحدى مقصوراته أو أن يدهسه، فمن لا يؤمن بالمتغيرات الجديدة ويواكبها سيظل حبيس أفكاره القديمة، وسوف يتجاوزه الزمن ويتخطاه، والحمدلله فالشاعر السعودي اليوم يؤمن بأهمية المرحلة، ولذلك فهو يسجل حضوره في كل الفعاليات عبر السبل الجديدة، مستفيدا من كل هذه المعطيات، بالإضافة إلى ما توفره التقنية من تسهيل في الإعلان والعرض عن مناشطه ومنتجه.
زنزانة الرتابة!
وأكد عساكر أن كل شاعر يتوق إلى الخروج من زنزانة الرتابة، وينزع نحو الابتكار والتجديد، ولكل مجتهد نصيب، فهناك من الشعراء من يعمل على إعادة تشغيل حواسه، مما ينعكس على جودة وتجديد شعره، وهناك من يرتكن على ما هو فيه مما يجعله مقيما في دائرة ضيقة ورثها من آباءه وأجداده.
ولاشك أن المقصود بالتجديد هنا هو على مستوى الصورة والابتكار والصياغة، لا على مستوى الشكل الشعري، لأن الأشكال الشعرية سالت حولها المحابر منذ أجيال عديدة.
الشاعر السعودي .. شاعر مجدد
وعلى المستوى المذكور، فالشاعر السعودي هو شاعر مجدد لا بطبعه فقط، وإنما بطبيعة المرحلة التي فرضت نمطا جديدا في الكتابة، ولا ينحصر في نطاق ضيق من الأغراض الشعرية التي يتحدث عنها النقاد في كتب الأدب، وإنما التجارب الشعرية دخلت معتركا جديدا في الكتابة يتعلق بمعطيات زمنهم، ولذلك فالتجديد يكمن في الصورة عبر خلقها حية تلامس الواقع، ويكمن أيضا في الاستفادة من تقنيات العصر.
شعر الرجل والمرأة
ويُضيف الشاعر جاسم: هذه سلسلة من الثنائيات لا تكاد تنتهي (أيهما أكثر وفاء الرجل أم المرأة؟، أيهما أكثر حبًا الرجل أم المرأة، حتى أيهما أطول عمرا …. ) على أية حال:
الشعر منتج إنساني عام، غير خاضع لجنس دون آخر، وهذا متفق عليه، أما الفروق فتأتي من طبيعة تكوين كل جنس عن الآخر، ومدى تواشجه وعلاقته بالأرض والإنسان والغرض المراد التعبير عنه، لذلك فالفروق قد تختلف بين رجل ورجل، وامرأة وامرأة نظرا للاختلاف بشكل عام بين طبائع البشر، ومكوناتهم وثقافاتهم، وأذواقهم، فقد تقرأ قصيدة لرجل تصل بها الرقة إلى أن تنسبها لامرأة، وقد تقرأ قصيدة لامرأة تصل بها الفظاظة إلى أن تنسبها لرجل. إذن فالمعوّل على ما يمتلكه الشاعر ـ بغض النظر عن جنسه ـ من معطى ثقافي وما يمتلكه حدسه من شعور وما تختزله روحه من مشاعر، وكيف يتذوق طعم الأشياء، وما يأسره في الغرض الذي يريد الكتابة عنه، فالنظرة للجمال مثلا تختلف، مما يجعل الكتابة عنه تختلف كذلك.
كرم باذخ يجب استثماره
ويتابع “عساكر”: تتعدد المناهج التي تضخها وزارة الثقافة وهذا كرم باذخ إذا تم استثماره، والعمل على ترشيده، فسوف يصب في صالح الأديب والشاعر السعودي، وإذا غفلنا عنه ضاع هدرا، لذلك يتطلب على وزارة الثقافة التي عملت على ضخ تلك الفعاليات والبرامج مشكورة أن تعمل على متابعتها، ومتى ما تم تنفيذها على الوجه المطلوب فلن تكون تخمة، بل على العكس سوف ترفع منسوب الذائقة العامة، وسوف تسمو بالمجتمع، وتجذب إليها حتى عامة الناس فضلا عن النخبة.
الشركات التجاريه وقدرتها على التأثير الثقافي …
وأكد عساكر أن المشكلة الأبرز في الشركات المنفذة لبرامج وزارة الثقافة هي افتقار تلك الشركات لمستشارين أدبيين، فالناجح في تنظيم سير فعالية كبرى ليس بالضرورة أن يكون ناجحا في تنظيم حتى مجرد أمسية شعرية على ضفافه، كونه غير ملم بأسماء الشعراء وتباينهم وتقلبات مزاجهم وحساسيتهم، وآلية التعامل معهم.
وأضاف أن الاعتماد فقط على دعوة المشاهير منهم، ليس كافيًا لحل المشكلة، بل يُعمقها ويعقدها أحيانا، وقد شهدنا أحد المهرجانات مؤخرا، وقد نجح نجاحا باهرا على مستوى الإعداد والتنظيم والتنوع في الفعاليات، لكنه أخفق وأخفق جدا على مستوى تنفيذ بعض الفعاليات المصاحبة، كالأمسيات الشعرية، حيث تمت دعوة مجموعة من الشعراء، لإحيائها والترتيب معهم وحجز المواعيد المسبقة لإقامة فعاليتهم، وهكذا فجأة ودون إيضاح للأسباب تم الاعتذار عن مشاركة البعض منهم، خاصة وأن بعضهم تم دعوتهم من خارج المنطقة وهذا ينبئ عن خلل يجب معالجته للحفاظ على توازن وسير المهرجان الكبير واللافت حقا، كما أن عدم الإعلان عن تفاصيل الأمسيات التي أقيمت أضعف الإقبال عليها، فكما نعلم أن الإعلان عن اسم الشاعر وتفاصيل المكان ووضوح الموعد، من شأنه أن يكون جاذبًا لجمهور الأدب أو لجمهور الشاعر على الأقل.