يستعيد الأحسائيون هذه الأيام أحد أبرز رموز الشعر العربي الفصيح في الجزيرة العربية، وهو الشاعر الجاهلي ” طرفة بن العبد ” الوائلي شاعر الحكمة والوصف، في ذاكرة تعتصر أكثر من 14 قرناً، من خلال مهرجانٍ يحمل اسمه، وتستوحي فعالياته من قصائده وحكاياته معها، وسيرة حياته وشخصيته وأعماله ومعلقته المشهورة.
وتعود ولادة ” طرفة ” في صحراء البحرين (الأحساء) وكانت حياته قصيرة لم تتجاوز العشرين عاماً لكنها مليئة بالأحداث، أبرزها خصومته مع بن عمه عبد عمرو بن مرثد زوج أخته، وصداقته مع ملك الحيرة عمرو بن هند التي لم تستمر حيث هجاه طرفه ، ويروى أن عمره حين موته كان 20 سنة، ويقال 26 سنة.
وتحوط شاعرية طرفة مجموعة من الشعراء الذي كان لها الأثر عليه منها: أسرته، فعمه المرقش الأصغر، وعم أبيه المرقش الأكبر، وأخته شاعرة، وخاله المتلمس شاعر معروف، ويتميز شعره بوصف دقيق للناقة، والحكم النافعة، والمعان الكثيرة التي تصف طبيعة وصور الحياة في ذلك الزمن، واشتهرت شاعريته بسبب معلقته المشهورة، وهي واحدة من المعلقات السبع.
وتحتضن محافظة الأحساء، مهرجان ” طَرْفَة بن العبد “، الذي أطلقته وزارة الثقافة الخميس الماضي، من خلال إقامة حزمة فعاليات ثقافية متنوعة في متنزه الملك عبدالله البيئي، تحكي صوراً من حياة الشاعر؛ في قوالب ومشاهد ماتعة تعبر عن حياته، وشخصيته، وسيرته الشعرية، وأعماله التي خلدتها ذاكرة الشعر العربي، مع محاكاة المنطقة التي عاش فيها الشاعر في ذلك الزمان، يأتي ذلك في إطار برامج وأنشطة مبادرة “عام الشعر العربي 2023″، الساعية إلى تعزيز مكانة الشعر العربي في عقول الأفراد، وترسيخه في ثقافتهم.
وتتضمن فعاليات المهرجان، ركناً للأطفال يعرفهم بالشاعر طرفة بن العبد، وعن حياته وأعماله الشعرية من خلال فعاليات ثقافية متعددة فنية وتعليمية، مع وجود منطقة تجسد حياة الشاعر وسيرته وأعماله بطرق ثقافية من خلال الفيديوهات والصور، والشاشات التفاعلية، والمجسمات تحت عنوان “عوالم الشاعر”، إضافةً إلى منطقة السوق التي تجسد الأسواق التقليدية في عصر الشاعر، وورش العمل والحرف اليدوية أبرزها ركن الخوص، والرسم على الجلد، والبشوت، وكتابة القصائد، والخشبيات، علاوةً على الأنشطة التفاعلية: كركن التصوير بأزياء ما قبل الإسلام والحكاء المتجول، مع وجود مسرح الشاعر لإقامة الأمسيات الشعرية والندوات عن حياة الشاعر، ومنجزاته الشعرية، وكوامن الإبداع في شعره.
وضرب طرفة، أروع الأمثله في الصبر والجلد والصبر، حيث جال البلاد حتى بلغ أطراف جزيرة العرب ثم عاد إلى قومه يرعى إبل معبد أخيه.
مما يذكر أن الأحساء تشتهر بتاريخ طويل من الإبداع الثقافي من خلال إرث المكان، وأرضها الموغل في التاريخ الذي تولد منها المؤرخون و الأدباء والشعراء والمثقفون على مر العصور، ونتاج إنسانها الفكري والمعرفي لتراكمات حضارية وعلمية وثقافية، كما تعد واحدة من أكبر واحات النخيل الطبيعية في العالم واتصالها مع حضارات العالم، وانتشار المواقع التراثية فيها، والقصور، كقصر إبراهيم الأثري، وصاهود، ومحيرس، وقصر الحزم، وميناء العقير، وجبل القارة، وسوق القيصرية، والأحياء القديمة.