ذات يوم قرر جد الاسرة بأن يقيم لقاء بين افراد عائلته ويكون في اول يوم من كل شهر حتى لا تحدث قطيعة بينهم ويمنع الاعتذار عن الحضور الا لسبب مقنع، ففي ذات يوم بعد ان اجتمعوا عدة مرات و حان يوم الاجتماع، اتى الجميع ماعدا فرد واحد من العائلة، وحان موعد وجبة العشاء وافتقدوه بعض الأشخاص المقربين له وبدأوا بسؤال عنه، وتفاجؤوا مما سمعوه عنه، هذا يقول انه اخطأ في حق ابن عمه، والآخر يقول لقد طرده من منزله، والآخر يقول انه محرج من افعاله، وغيرها من الاقوال فقد اصبح ذلك الفرد حديث المجلس، فقام احد المقربين باتصال لذلك الشخص لمعرفة ماذا حدث حتى ضج المجلس بالحديث عنه، ومع الأسف لم يجب على الاتصال، فحاول مرة ومرتين فقام بالرد بعدها، فقال ماذا بك ياخي اقلقتني، فقال لماذا لم تحضر اللقاء قال لم استطع ان أقول لك بأنني مريض منذُ أربعة أيام وقد أجريت عملية تكللت بنجاح ولم اخبر احد حتى لا يقلق علي، قال سأزورك غداً فعندما اتى اليوم التالي واطمئن عليه سأل ماذا بك انت وابن عمك، قال بعد لقائنا الأخير اتى الي وطلب مني مبلغ من المال ورفضت اعطاءه؛ لأنه كان ثمن عمليتي التي اجريتها ولقد ابلغته بذلك، فحين ابلغته لم اجد الا شخص هائج بدا بالتلفظ والسب والشتم وبعدها اضطررت لإخراجه من المنزل، فبعد ان عرف بالقصة قام بجمع الاسرة في منزله واخبرهم بالحقيقة، وإذا بهم يحنون رؤوسهم خجلاً لما تداولوه خلال اجتماعهم.
ترى، ماذا سيحدث لو أن قريبه سمع كلام ابن عمه، واتخذ موقفاً ضده من غير أن يستمع إليه؟ هل كان هذا من الإنصاف؟
فهنا نستنتج من القصة ان هناك من لا يدرك قيمة وأثر قوله ومنطوقه، إلى من يتقول عن الآخرين بدافع شخصنة المواقف أو الانفراد برؤية أو الانتقام، فلابد من التأكد والتثبت عند سماع ما يقال، فليس كل ما نسمعه صحيح فعلى قدر احبابك لديك بقدرهم أعداء متردين قناع الاحباب، إذ تجد سهامهم موجهه بالنقد والتجريح بلا تأني ولا أدنى معرفة، يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله: «اسمع مني ولا تسمع عني، فربما أكون بعينك جنة وبعين أحدهم نار، فتحرقك نار القيل والقال».
فعندما نرى مثل تلك المواقف تحدث بكثرة في المجالس فلابد من الانتباه حتى لا نقع فيها يوماً من الأيام، فكم من علاقة تدمرت، وكم من أصدقاء دامت علاقتهم لسنوات وانقطعت، وكم من أقارب تشتتوا، وذلك بسبب ما يتناقلونه، فربما ما تسمعه سيكون قد اضيف عليه او تاهت كلمة وتغير حرف واختلفت نبرة الصوت في نطقه فكلها تحدث تغيير كبير للمعنى، أعلم بأن عدم تصديقك لطرف واحد صعب، لكن الأفضل الإنصات لكل الطرفين؛ حتى لا تضيع بين كلمات وضعها الناقل والمنقول في قوالب جاهزة وكل من اتى وضع حكمه ورأيه عليه، كن مختلفًا واتجه نحو طريق مختلف لم يسلكه إلا عدد قليل من الناس.
اختتم مقالي بمقولة للمؤلف الأمريكي آل باتشينو: «لا تحاسبني على ما يصلك عني، حاسبني فقط على ما تراه مني وتسمعه بلساني».