“مرام الابيح” تكتب: أؤمن بالنهايات

هل تعتقد أن غالب الأمور في بدايتها أجمل؟

قد نعتقد أن البدايات أجمل؛ لأننا رفعنا سقف توقعاتنا عالياً وكان حماسنا لموضوع ما يفوق استعدادنا له، وأحيانا نحن لا ندرس احتمالات الموضوع أو نفكر فيه بواقعية، البدايات قد تبدو أجمل، وفي المنتصف يكون الدرس والصبر والتحدي، وفِي النهاية ستكون النتيجة؛ إما أن تكون أجمل أو أنك تحتاج لتكرار الدرس أكثر من مرة حتى تستوعبه؛ لتتخطى بعض المواقف والأشخاص.

في يوم ما كنت أعتقد بجمال البداية، ولكنها مجرد فكرة ورسالة سيطرت على عقول الكثيرين من خلال الأحداث والأفلام والقصص، حتى البحث عن كلمة النهاية في محرك البحث يظهر لك عبارات وصور أغلبها حزينة أو تحمل طابعًا وألوان داكنة، وكأن الفكرة وعي جمعي سيطر على الكثير من الناس، لكني أصبحت أؤمن بجمال النهايات؛ لأن جمال النهاية يكون بعد انتصارٍ وتحدٍ مختلط بمشاعر الفرح العميق وفخر الوصول والصبر. في النهاية نحن نكون أكثر نضجًا، في النهاية أنت تتخلص من العقبات التي واجهتها، وممن كانوا عقبة في طريقك.

أدركت أن البدايات سطحية، فرحتها مؤقتة مبنية على التوقعات، ولكنّ النهايات تكون بعد جهد وسعي، مبنية على واقع ملموس وتجارب؛ فتكون أكثر عمقًا، قد تصنع منك حكيماً أو خبيرًا، وقد تصوغها كقصة نجاح وتكون درساً.

كن على يقين بأن النهايات جميلة، فإن لم تكن كذلك فهذا يعني أن النهاية لم تأتِ بعد، وإن كنت تعتقد أن النهاية التي تعيشها ليست جميلة فاسمح لي أن أنبهك؛ فأنت مازلت تحت الاختبار؛ فإياك أن تستسلم حتى لا تعيد الدرس أكثر من مرة، وقد يكون بألم أكبر!، حاول أن تنجح من أول مرة وإن أخفقت مرة؛ فذلك ليس بعيب؛ فالفشل ليس عيبا، ولكن العيب هو أن نستسلم ونكرر التجربة بنفس الطريقة الخاطئة، فلا يلدغ مؤمن من جحر مرتين، فلا تقبل بأقل من النهايات السعيدة، وعلى سبيل المثال؛ جمال الفوز الحقيقي والنجاح يأتي في النهاية، فعندما نقبل في مسابقة أو تحدٍ جديد و يتم قبولنا، نشعر بسعادة، ولكن وكلما زاد التنافس كلما توترت مشاعرنا حتى لحظة الوصول أو الفوز، وهنا فعلًا تولد سعادتنا الحقيقية، وهنا نكون أكثر فخرًا بأننا تجاوزنا تلك التجربة، ونحن أيضا نسعد لقبولنا في الانضمام للجامعة أو لدراسة أمر ما نرغب في تعلمه، ولكن الفرحة الحقيقة تأتي في النهاية في لحظات النجاح وتخطي كل الصعاب والاختبارات التي واجهتنا، وإن أسعدنا قبولنا للدراسة في البداية. قال تعالى (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَىٰ (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ )

حتى الحكمة الربانية قضت على أن الآخرة خير من الأولى، وأن الله سيرضينا في النهاية، وأن الغنى يأتي بعد الفقر، والهداية تأتي بعد الضلال. نذوق الأضداد لنعرف طعم النور بعد الظلام، والسعادة بعد الحزن.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP to LinkedIn Auto Publish Powered By : XYZScripts.com