عرّف ابن منظور العتاب في لسان العرب بأنه: ” لومك الرجل على إساءة كانت له إليك فاستعتبته منها”
وهناك فرقاً كبيرا بين العتب المقبول الذي يساق بهدف تصحيح اللبس وإزالة مافي النفوس وإيصال رسالة لطيفة من المعاتب بإسلوب مهذب على موقف واضح وجلي ، وبين العتب الذي يكون على كل كبيرة وصغيرة، وبسبب ومن غير سبب سواء يستدعي الموقف العتاب أو لايستدعي ، فالعتب الأول قد يصفي النفوس ويصحح الخطأ وينبه الطرف الآخر لأمر وقع فيه من غير قصد ، اما العتاب المتكرر والدائم على كل موقف وعلى كل حدث فهذا قد لاتكون نتائجه محموده، بل على العكس ينفر الناس ويجعلهم يبتعدون ويتحاشون المعاتب وقد يتسبب في مشاكل بين الأشخاص .
يقول الشاعر الأموي بشار بن برد :
إذا كنت في كل الذنوب معاتِباً
خليلَك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعشْ واحداً أو صلْ أخاك فإنِّه
مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانبه
إذا أنت لم تشربْ مراراً على القذى
ظمئْتَ وأيُّ الناس تصفو مشاربه
أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما
أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه
قد لا يدرك الكثير من الناس أن الغير له خصوصية في علاقاته مع الناس وصداقاته ومعارفه ولا يرضى أن يتدخل أحد في ذلك وأن الإنسان له أيضا ظروفه التي لابد أن يقدرها من حوله وأن الصديق لا بد أن يضع لصديقه أو اخوه العذر حتى لا يفقده.
لذلك لا بد من أن تتسم العلاقات الاجتماعية بالمرونة، وباحترام خصوصية الناس، وبالتغاضي عن أخطائهم إنْ وُجدت، لأن من يعاتب ليس مسؤولا عن هذه الأخطاء أصلا، وليس معصوما منها أيضا.
في حين يرى خبير مهارات السلوك، ماهر سلامة، أن العتب بالفعل يجلي الصدر، لكن بحسب المعاتب وطريقته في العتاب، “أنصح المعاتب أن لا يضع الطرف الآخر موضع المتهم، ويجعله مضطرا إلى الدفاع عن نفسه بطريقة تبدو وكأنه يبرئ شخصه من تهمة مؤكدة، فقد يكون رد فعل عكسيا وغير متوقع، ويخسر المعاتب الطرف الآخر”.
وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ما استقصي كريم قط»، فلنخالط الناس ونحترمهم ونبش في وجوههم، ولا نوجه لهم اللوم والعتب كل حين، فقد قيل قديماً إن كثرة العتاب تفرق الأحباب.