فاطمة الحربي تكتب: المرونة الشخصية

يتغير العالم، وتتجدد الأحداث، وتختلف مدارات العالم، وتتباين دقة حساباتها،
وما زال الكائن البشري هو الوحيد الذي يحافظ وبشدة على الجمود والبدائية في التعامل مع الشخصيات والأحداث من حوله، فكل محاولة تجديد أو تغيير مسار يُحدث ثورة، ويُشعل جحيمًا، ورغم أنّ القلة الذين يحاولون التغيير يدركون أنهم يملكون مرونة في شخصياتهم تجعلهم يتكيفون وبدرجةٍ فائقة من الذكاء إلا أنهم لا ينجون من الحماقات التي ينعتهم بها الجاهلون كالنفاق والتلون، فعندما يتعامل الشخص المرن مع المواقف المتشابهة صورةً والمختلفة جذرًا، بطريقتين مختلفين، تستنكره أفواه الجميع وأعينهم ويكاد أنْ يقتلوه نبذًا.

إنّ المرونة في الشخصية فضيلة التغير والتجدد، والشخص المرن أقل عرضة للأمراض النفسية كالقلق والإكتئاب، فكل المواقف والشخصيات يجد لها طريقًا يتوافق به معها، وكل الأحداث الطارئة يقبلها ويحاول مجاراتها أو السيطرة عليها بروية ودون امتعاض.
الشخص المرن يرى أنّ كل الخيارات ممكنة، وكل الأشياء متغيرة، وكل بداية لها نهاية، وكلنا متغيرون، مع الإحتفاظ على السمات الفاضلة كالصدق والأمانة.
أما الذين لا يحملون فضيلة المرونة فإنهم يتخبطون في المسارات تائهين، يُمدُّ إليهم الغوث ويفضلّون الضياع، هم أكثر الذين يعانون من كل شيء، ويخافون من أدنى تغيير، تجدهم ببطئ يمشون، أكتافهم مثقلة، ألسنتهم حادة، وأعينهم مترقبة، خائفة رغم الأمان حولهم.

وفي النهاية، نؤكد أنّ الشخصيات المرنة ليست المنافقة ولا المتلونة، وإنما فائقة الذكاء، المحبة لنفسها وللآخرين، والمقبلة على الحياةِ بكل نشاط وحيوية، التي تدرك أنها تستحق أنْ تعيش لتسعد، وترى جوانب الحياة المختلفة بمنظورٍ يستقبل كل الأشياء ويحتضنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP to LinkedIn Auto Publish Powered By : XYZScripts.com