لم يكن قرارًا عاديًا ذا تأثير محدود في مجال محدود ولفئة محدودة، بل كان تأثيره شاملًا مؤثرًا في شتى مناحي الحياة بالمملكة، نتابع في التقرير التالي تأثيرات قرار السماح بقيادة المرأة للسيارة الذي يبلغ اليوم من العمر نحو 6 سنوات.
توافق مجتمعي لتأييد القرار
وجاء قرار السماح بقيادة المرأة للسيارة كخطوة إيجابية على صعيد حقوق المرأة السعودية وتطور اجتماعي يتماشى مع مسيرة الإصلاح والتنمية بمختلف الأصعدة في المملكة دعمًا لدور المرأة في المجتمع السعودي.
حيث حظي القرار الذي تضمنه الأمر السامي عام 2017 وأصبح ساريا بعد حوالي عشرة أشهر بتأييد واسع ونظرة متفائلة منذ اللحظة الأولى لصدوره، كما حظي بالموافقة من أغلبية هيئة كبار العلماء ليؤكد أن المجتمع على توافق تام مع أهمية دور المرأة في سوق العمل وتمكينها كعنصر فعال أساسي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية كأحد أبرز مرتكزات رؤية ٢٠٣٠ الطموحة.
تأثير القرار على أسعار السيارات
ومن المؤكد أن لهذا القرار تبعات اقتصادية مرجوة تعود بالنفع على السوق المحلي للسيارات حيث شهدت الأسواق طفرة في مبيعات السيارات وتنافسية كبيرة بين الوكلاء وذلك نتيجة لزيادة الطلب على السيارات.
فمن جانبه، أكد متعب محمد أحد العاملين بمجال بيع السيارات أن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارات بالغ التأثير على السوق المحلي ووكلاء البيع الذين سعوا جاهدين إلى تغيير استراتيجيات التسويق في المملكة، حيث أصبح هناك تركيز على مطالب المرأة في السيارة ومحاولة تلبية هذه المطالب والوصول إلى المرأة عبر وسائل الإعلام وأدوات التسويق المناسبة التي تتوجه إليها مما أسهم في ارتفاع طفيف للأسعار إلا أن وعي المجتمع والمرأة السعودية حال دون المبالغة في الأمر وعودة الأسعار إلى طبيعتها.
الاستغناء عن “مليون ونصف” سائق خاص
ومن المؤكد أن القرار الصادر بالسماح للمرأة بقيادة السيارة ساهم كذلك في الاستغناء عن عدد كبير من العمالة الوافدة لتعتمد المرأة على نفسها بدلًا من الاعتماد على مليون ونصف سائق أجنبي يستنزفون ما يقارب 27 مليار ريال سنويًا، فضلًا عن المبالغ المستنزفة لصالح سيارات الأجرة وسيارات المشاوير اليومية التي تعتمد عليها نسبة كبيرة من المواطنات حاليًا والتي تؤثر قطعًا على وضع المرأة المادي وعلى خياراتها الوظيفية.

مدى استفادة السوق المحلي من القرار..
من جانبهن أكدت سيدات لـ”المنصة الأولى” أن القرار ساهم في ارتفاع مشاركة المرأة في سوق العمل ما يعني أن السماح للمرأة بقيادة السيارة قد وفّر جزءًا كبيرًا من المبالغ المنفقة على جلب السائقين الأجانب وكذلك تقليص حجم الأموال المحولة للخارج وتدفيها داخليًا، بحسب مختصين،
كما أدى القرار إلى انتعاش سوق السيارات والطلب على برامج تمويل وشراء السيارات بسبب زيادة إقبال السعوديات على شراء السيارات عن طريق التقسيط أو التمويل وبالتالي زيادة درجة المنافسة لدى القطاع المصرفي السعودي ونمو قطاع تأمين المركبات.
بينما وبحسب بيانات رسمية فإن القرار يساهم في القضاء على البطالة النسائية حيث سيؤدي إلى توظيف أكثر من 500 ألف سعودية خلال السنوات العشر المقبلة، إضافة إلى إنهاء الكثير من المشاكل التي تعاني منها الشركات والمؤسسات التي تعمل على توظيف النساء، حيث تمثل مشكلة المواصلات العائق الرئيس في عملية تأنيث الكثير من الوظائف

صعوبة البدايات …
على المستوى الاجتماعي كان للقرار صدى داخل المنازل حيث داعب طموح السيدات والفتيات بالقيادة.
وتعليقا على الأمر تقول فاطمة السالم: كان لدى حماس شديد لقيادة السيارات، ولكن واجهت صعوبة قليلة مع والدي بسبب خوفه من القيادة ومن المتهورين في القيادة ولكنه اقتنع بالفكرة واقتنع جميع أفراد العائلة.
وأوضحت “السالم” أنها للأسف تعرضت في البداية للكثير من المضايقات ولكن بعد أن اعتاد الشعب على قيادة المرأة وخصوصيتها، فلم يصبح هناك مضايقات في الوقت الحالي. لكن مدربة القيادة نورة عبدالله أشارت إلى أنها لم تتعرض لأي مضايقات وأنها لم تجد سوى الاحترام والتعاون خصوصًا مع بداياتها في التدريب.
قيادة المرأة والازدحام المروري
من جانبه، أكد المواطن نجم القحطاني أن طبيعة الحال في قيادة المرأة شيء جيد لكن هناك عوامل أدت الى الازدحام في بداية قيادة المرأة للسيارة في المملكة بسبب بعض التوتر والخوف وعدم التمكن والسيطرة على الوضع.
وأشار القحطاني إلى أن بعض من النساء لا يتقنون القيادة بشكل جيد ويعود ذلك لعدم حصولهن على التدريب المناسب حيث يتم تعليمهن في مساحة صغيرة ومحددة لا تحاكي الشارع الخارجي، لذلك يلاحظ بأن المتدربات خارج المدرسة متقنون للقيادة بشكل أفضل.
تأثير قيادة المرأة على معدلات الحوادث
من جهته، شارك سعود محمد برأيه قائلًا ليست جميع السيدات متمكنات من القيادة، ولكن غالبيتهن يتمتعن بالحذر وملتزمات بالقوانين وأنظمة السلامة أكثر من الرجال، مؤكدا أن النسب والإحصائيات تشير إلى أن هناك فرق كبير جدًا في نسبة الحوادث والمخالفات بين الرجال والنساء.
فيما رأى علي بن فاضل التعامل مع حوادث النساء مختلف عن الرجال فيجب التخفيف من وطأة الصدمة كي لا تشعر المرأة بالخوف والذعر.

نظرة الشباب لقيادة المرأة..
وعن نظرة الشباب للمرأة التي تمتلك أو تقود السيارة أشار عبدالله الشهري إلى أن كل شخص له نظرته التي تختلف على حسب بيئته، حيث توجد بيئة محفزة وبيئة مغلقة فمن الصعب على أي شخص في بيئة مغلقة أن يقبل بوجود إمراه في بيته تقوم بقيادة السيارة، أما الشخص الذي نشأ في بيئة محفزة ومرنه يمكنه تقبل المرأة التي تقود السيارة، فكما أن للرجل أولويات وخصوصية هي ايضًا لها نفس الخصوصية.
فيما أوضحت” نوره السالم” ( مدربة قيادة خاصة) أنها لم تواجه أيّ من الصعوبات بفضل الله ثم بفضل والدتها حيث إنها شجعتها على التمكن من القيادة وتحمل المسؤولية ومسؤولية أبنائها بدون الحاجة لسائق خاص أو المشقة في الطلب من تطبيقات الأجرة. وذكرت أنها واجهت صعوبة فقط في إصدار الرخصة بسبب ضغط العمل على مدارس القيادة.
الشابات الأكثر إقبالًا على إصدار رخص القيادة..
وعن الفئات العمرية الغالبة لطلب التدريب والعازمة على القيادة، ذكرت مدربة قيادة أن أعمار المتقدمات للحصول على الرخصة تتراوح من 21 عاما فما فوق، وأغلبهن طالبات جامعيات وموظفات وربات بيوت، بينما يُلاحظ بأن الفئة الأعلى من المتقدمات من النساء هم من فئة الفتيات الشابات.
مدى احترافية المتقدمات لاستخراج رخصة قيادة من النساء؟
وذكرت مدربة القيادة سلمى عبد العزيز أنه لا يمكن القول بأن جميع المتقدمات على دراية تامة بقيادة السيارات حيث تكون الأغلبية من المتقدمات مبتدئات في القيادة ويتم تدريبهن بمراكز شركة متخصصة من قبل مدربات تم تأسيسهن جيدًا للتدريب لاطلاع المتقدمات على أساسيات القيادة والنظام المروري.
90 ساعة حد أقصى لتعلم قيادة السيارة
وتابعت سلمى بأن الفترة الزمنية لتعلم المرأة قيادة السيارات تختلف من متقدمة لأخرى ولكن تم تحديد أقصى مدة بـ ٩٠ ساعة تدريبية لمن لا يجيدون القيادة والأغلبية يجتزن الاختبارات التدريبية في فترة زمنية أقل من ذلك.
كما أكدت أن النسبة العظمى من المتقدمات يحصلن على رخصة القيادة بعد اجتيازهن للاختبارات التدريبية لدى الشركة، وأن هناك نسبة قليلة ممن يتعثرن في الحصول على الرخصة.