مما لا شك فيه أن الإنسان يتأثر بالمجتمع الذي يعيش فيه، وأن الإنسان يؤثر ويتأثر وهذا يؤكد بأن التقليد طبع جُبل عليه، وقد نعاني في أيامنا الحالية من هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخراً وبكثرة، فالبعض يمشي وهو يجهل ما يفعل وهل هذا التصرف صحيح ام خطأ، وهناك نوعان من التقليد.
التقليد الضار: وهو محاولة التشبه بالغير في القول أو الفعل أو أسلوب الحياة، وهذا غير مفيد لأنه يلغي شخصية الإنسان المقلد ويجعله يمارس سلوكاً ليس له أي فائدة ولا يعبر عن شخصيته، كما ان التقليد اسم على مسمى يقيّد الإنسان ويجعله مُتابعاً منتظراً لذلك المشهور أو المشهورة، فتجده يأكل كما يأكل، و يرتدي مثله، ويرى ماذا يعمل في أوقات فراغه، فإن كان يقرأ كُتابً سيشتري مثله وإن كان يدخن سيقلده، وأين يسافر، حتى يكون نسخة أخرى بشكل مختلف، وهذا يجعل المقلد بلا قرار، حتى لو تسبب له بالأذى، فكم من شخص تراكمت عليه الديون؛ لأنها لا يملك النقود التي تساعده على اقتناء ملابس و سيارات باهظة الثمن، وهذا ما لمسناه في الآونة الأخيرة لدى البعض، ولذلك قد يؤدي التقليد الاعمى إلى إلغاء التفكير تماماً؛ لأن الهدف الأساسي منه هو تقليد الآخرين دون ادراك إلى ما ينتج عند تقليد السفهاء والاقتداء بمن هم ليسوا أهلاً؛ لأن يكونوا قدوة ومثالاً حسناً يحتذى بهم.
يقول إبراهيم الفقي: مؤسف حقاً أن تكون النظارة ماركة، والساعة ماركة، والحذاء ماركة، والشخصية تقليد.
وهنا يأتي الدور على رقابة الأسرة عندما تغض النظر عن هذه الأفعال وتتهاون معها او تراها تفتح وحريه شخصيه، لابد ان تتخذ موقفاً، ويرشدونهم ويذكرونهم بأن التقليد المذموم صفة ليست جيدة، وعليهم بأن يرشدونهم إلى الطريق الصحيح، وان يصنعوا لهم شخصية مستغلة بهم تتناسب مع أوضاعهم ومعيشتهم، حتى لا ينتج جيلً لا يكترث لأوضاع الأسرة ويتمادى ويتساهل في طلباته وتصرفاته المبالغة.
اما النوع الثاني فهو التقليد النافع الذي يسهل علينا الكثير من أعمالنا ويربي خُلقنا ويغرس الفضائل في نفوسنا، ويساعدنا في بناء مجتمع متحضر ومتطور بأفكاره وابداعه في أعماله حتى تضحى عادة ملازمة وصفة ثابتة، فعندما نرى بناتنا ينافسون الكثير في الحصول على براعة اختراع، أو مشاريع تنافس شركات عالمية، والتقليد الممدوح وهو الذي ذكره الله في آياته الكريمة ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾، وهل هناك أفضل من اتباع رسولنا الكريم وتقليده في كل ما ورد عنه عليه أفضل الصلاة والتسليم؟!
فحاجة البشر إلى القدوة من الأمور الفطرية، وهي ضرورة تجعل الصغير والكبير في حاجة ماسة إلى تقليد سلوك غيرهم، ويرتقي التقليد في التربية الإسلامية بارتقاء المجتمع حتى يبلغ هدفه الأسمى.
مطلوب شخصيات أصلية “غير مُقلدة”
