حسين البراهيم يكتب: العفو والمسامحة

ذهبت وتلاشت عادة طلب المسامحة من الأشخاص الذين كانوا يغتابون الناس على مدار السنة، وفي رمضان يطالبونك أن تعفو عنهم، وتأكد أن هؤلاء لن يتوبوا عن أفعالهم مهما صفحت عنهم وسامحتهم، لأنهم يجدون في الغيبة ملاذًا!

الغيبة تشبه الإدمان، فلا تصدق أحدًا إذا قال لك: سامحني، أنا تكلمت عنك بما تكره وراء ظهرك. فهذا الشيء يدل ضمنيًا على سوء الشخص واعترافه بما لا يدع مجالًا للشك في استهتاره بك وفي الكلام عنك بغرض الفلة والوناسة!

شيء جميل أن تطلب من الناس أن يسامحوك، والأجمل أن تكف أذاك عنهم والتكلم فيهم بما يكرهون!

لا يوجد أحد لا يعرف عن أضرار الغيبة، كمثل الذي يعرف عن أضرار التدخين ولكنه يستمر فيها، ومن النادر جدًا أن تلاقي أحدًا يملك العزيمة والإصرار والإرادة في ترك هذه العادات السيئة إلى الأبد.

الغيبة كما وصفها رب العالمين في القرآن الكريم كأنك تأكل لحم أخيك ميتًا، فما أبشع الوصف والفعل! ولا يأكل لحم أخيه ميتًا إلا من كان مسعورًا وبشعًا وسيئًا أو مضطرًا!

بحكم تجربتي في الحياة، أسوأ شخص هو من يعترف بخطئه ويطلب العفو والمسامحة لفترة محدودة، ثم بعد ذلك يعود إلى خطئه بشكلٍ كارثي أكثر، وكأنك يا بوزيد ما غزيت! الاعتراف بالذنب جميل، وتركه أجمل!

حدثت لي قبل كم سنة حكاية، تحديدًا في رمضان، أن أتاني شخص يطلب مني المعذرة والمسامحة في مواقع التواصل الاجتماعي، بحكم ما قاله عني من خلفي، فسامحته لأنه اعترف لي.

ولم تلبث السالفة إلا شهورًا معدودة، فعاود نفس الشخص الحديث عني بسوء من خلف ظهري، فهذا ما وصلني من بعض الأشخاص. فالذي أريد أن أوصله هو أن الشخص المغتاب لن يتوب عن غيبته مهما اعترف وطلب المسامحة لفترة محدودة.

يذكرك المغتاب بالشخص المدمن على المخدرات، الذي يوعدك بالتوبة، وفي الأخير يستمر في أفعاله ولن يتوب، والطبع مهما تطبعت به فإنه يغلب التطبع، كما قيل في أمثالنا: “بو طبيه ما يهد طبعه”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

WP to LinkedIn Auto Publish Powered By : XYZScripts.com