خالد العوض… الشاعر الحالم، ابن النخيل، صانع الجمال والعذوبة بعفوية مطلقة، بدأ حديثه بنبرة صوته الأحسائية المميزة وكلماته الممزوجة بطبيعة الأرض ورائحة الطِّبينة، حيث قال:
“اللي ظلم واللي قسى
عايش حياته بألف خير
واللي سقى نخل الحسا
ينام وفراشه حصير”
خالد العوض، من غنّى للحب والعتاب، وبكى الفراق والهجر، رسم بريشة الكلمات أغنية المواعيد وانتظر بين الشرفات لقاء الحبيب. تنقل بين محطات لم تعرف النهايات أو التوقف، فهو مسافر في الخيال ومحلق في الأثير، وهو من قال:
“وين تروح ما يمديك
لو ترقى السما باجيك”
البدايات والتأثر بالشعراء الكبار
وُلِد خالد العوض في محافظة الأحساء بمدينة المبرز، وهو أب لستة أطفال، ثلاث بنات وثلاثة أبناء. نشأ في بيت صغير مع والدته وإخوته الخمسة بعد وفاة والده وهو لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره.
تأثرت أشعاره بطبيعة الأحساء وبيئتها الزراعية، حيث يقول في موسم الرطب:
“طاح الرطب و الحبيب اللي بيجي ما جا
يا إنه زعلان و الا بخاطره حاجة!!
عاد (الحسا) والله من دونه ولا تسوى
حتى النخل في غيابه عاقد حجاجه”
حديث الذكريات مختلف لدى الشعراء، فكيف تصفه؟
• حديث الذكريات عند الشاعر يتأثر بكل شيء من حوله، يصنع من الأحداث والمواقف كلمات تعبّر عن دواخله. ربما كانت بداياتي الشعرية بسيطة ومتواضعة، لكنني عشقت الشعر مبكرًا وتأثرت بشعراء كبار مثل الأمير عبدالله الفيصل، والأمير بدر بن عبدالمحسن، والأمير خالد الفيصل وغيرهم.
هل تنظر اليوم إلى شعر البدايات على أنه متواضع؟
• ليس كل شعري في البداية متواضعًا، فبعض القصائد كتبتها وحبستها لسنوات، والآن أعود إليها فأجدها جميلة وتحمل ذكرى وصدقًا. الشعر ليس مجرد صنعة، بل هو إحساس صادق.
تأثير البيئة والأسرة
هل كان للبيت الذي نشأت فيه تأثير على اتجاهك الشعري؟
• بالتأكيد، فالبيت جزء من البيئة المعاشة، وليس بالضرورة أن يكون الأب أو الأم شاعرَيْن، لكني نشأت في بيت دافئ، وجدت فيه من يستمع إليّ ويشجعني. لدي أخ يكتب الشعر أيضًا، لكن يبقى الشاعر ابن مشاعره وزاويته الخاصة.
الحب والشعر… بين الصدق والتكرار
هل تعتقد أن بعض الشعراء الشباب يشتركون في المعاناة فيما يكتبون؟
• نعم، فالشاعر عندما يكتب عن الحب أو الهجر أو العتاب، يكون قد عاش تجربة أو استعارها من غيره. المشكلة أن بعضهم يستعيرون مشاعر ومواقف غيرهم، مما يجعل شعرهم فاقدًا للصدق.
ما الذي يؤرق خالد العوض؟
• لا أخاف من شيء، فأنا مؤمن بأن “اللي ينكتب فوق الجبين لازم تشوفه العين”. أعيش يومي وأترك الغد للغد. ما يؤرقني هو تحقيق التوازن بين الأسرة والكتابة الشعرية، وأحرص على ألا أحدث قبحًا في زاوية أخرى من حياتي.
القصيدة… لحظة إلهام أم افتعال؟
ما هي طقوسك عند كتابة القصيدة؟
• ليس لدي طقوس خاصة، الفكرة هي التي تستدعيني متى حضرت.
هل هناك قصائد صنعتها الصدفة؟
• نعم، وأشهرها “واللي وله عليك شيسوي” لراشد الماجد. كنت أتحدث مع الراحل ناصر الصالح وذكرت له هذا المطلع، فالتقطه وغناه، ثم أكملته لاحقًا وانتشر بشكل واسع.
خيوط المعازيب… إضافة أم محطة؟
هل ترى أن مسلسل “خيوط المعازيب” طغى على مشوارك؟
• بالعكس، هو تكملة لمشوار طويل. قبلها كتبت تتر مسلسل “أكون أو لا” و”توالي الليل”، لكن “خيوط المعازيب” وجد صدى أوسع لأنه يتحدث عن الأحساء، التي أنتمي إليها، وكذلك الفنان رابح صقر.
الشعراء والفنانون… من يختار من؟
هل يختار خالد العوض مغني العمل أم الفنانون يختارونه؟
• الأغنية نصيب، أحيانًا تصل للفنان عن طريقي أو عبر الملحن، وأحيانًا أشعر أنها تليق بفنان معين وأعرضها عليه. الجمهور هو الحكم في النهاية.
الشعر الغنائي… بين التقدير والتجاهل
هل يحتاج الشاعر الغنائي إلى مساحة أكبر في الإعلام؟
• نعم، فهو الحلقة الأضعف في صناعة الأغنية. أتمنى أن يحظى الشعر الغنائي باهتمام أكبر، ومسابقات وأكاديميات، فهو لا يقل أهمية عن الشعر الفصيح والنبطي.
تجديد الأغنية السعودية
هل تعتبر نفسك مجددًا في الأغنية السعودية؟
• لست مجددًا، لكني أضفت لمساتي الخاصة، وصنعت شخصية شعرية تمزج بين البساطة والعمق، وأحاول تحويل أفكار الناس اليومية إلى أغنيات.
سرقات الشعر والأغنية
هل تعرضت لسرقة قصائدك؟
• هناك توارد خواطر، لكن أيضًا هناك سرقات. لهذا لا أنشر جديدي إلا بعد تسجيله رسميًا.
هل يؤمن العوض بالفرص؟
هل استغليت الفرص جيدًا؟
• نعم، الحظ لعب دورًا في بعض الأغاني، وأول فرصة حقيقية لي كانت عام 2007 عندما نزلت أغنية “يا شيخ عبدالله” لعبدالمجيد عبدالله. الحياة فرص، والسعيد من يقتنصها.
بيع القصائد… رزق أم استغلال؟
هل تبيع قصائدك؟
• نعم، فبيع القصائد موجود منذ القدم، وهو رزق مشروع، ولا أراه استغلالًا للمشاعر كما يدعي البعض.
التكريم والاعتراف بالمبدعين
هل تعتقد أنك أخذت نصيبك الإعلامي؟
• ليس بقدر ما أطمح، لكن الأهم أن أترك أثرًا وتاريخًا شعريًا مميزًا. للأسف، كثير من المبدعين يُنسون بعد تقدمهم في العمر، مما يصيبهم بالإحباط والاكتئاب.
كلمة أخيرة
• “عيشوا للإبداع، لا تلتفتوا للوراء. الحب يجعل القلب نابضًا وحيويًا، أحبّوا الحياة بكل تفاصيلها. النقاء والنوايا البيضاء لن تخذلكم أبدًا”.
شكرًا للمنصة الأولى، سعدت بهذه الدردشة الماتعة، ممتنٌّ للجميع.
لايسعني بعذ هذه الرحلة الجميلة بين تلك السطور وهذا التقرير إلا أن اشكر تلك الأنامل وعاملي اللقاء ،لقاء جميل ومريح حقيقة وغني بمعلومات ماتعة وكلمات محفزة من الشاعر الأحسائي خالد العوض
شكرا أ فاطمة عبدالرحمن
شكرا للمنصة الأولى