من منطلق تعزيز المشهد الثقافي ودعم حركة القطاع الأدبي، نفّذت وزارة الثقافة، ممثلة ببيت الثقافة، “مهرجان أطفال الثقافة” بنسخته الثالثة، الذي يصبّ في تعزيز القيم الثقافية وتنمية مهارات الطفل. يأتي ذلك تزامنًا مع اليوم العالمي للطفل، حيث شارك الأطفال وعائلاتهم في مجمل الفعاليات التي انطلقت من 20 إلى 24 نوفمبر 2024، وتخلّلها العديد من الأنشطة التفاعلية والتجارب النوعية التي تصبّ في عوالم الإبداع والتأمل.
وكشف بيت الثقافة أن شعار المهرجان جاء بعنوان: “انطلق بإبداعك.. انطلق بشغفك.. انطلق بخيالك”. تضمنت الفعاليات، التي استمرت 5 أيام، رحلات متعددة انتقل بها الأطفال إلى مجالات لا متناهية، إذ تم تصميمها بطريقة تحاكي البوابات الخيالية المستلهمة من نقوش تراثية لمناطق المملكة العربية السعودية. تمكن الزوّار من الانتقال عبر لوحات إرشادية ومجسمات داخل “عوالم ثقافية”، التي تضم 11 قطاعًا تمثل الهيئات، وداخل كل قسم تصميم لأنشطة استثنائية حديثة ومعاصرة بطابع تقني يستهدف الفئات العمرية كافة.
وضمن سير الرحلة الثقافية مرورًا بجميع المناطق المخصصة، وصل الأطفال عبر نقطة الانطلاق إلى ورش العمل التفاعلية والتجارب المميزة. تميزت كل تجربة بمسار ذي لون خاص يتبعه الطفل وفقًا لإرشادات معينة. هناك من حطّ رحاله في جوهرة المملكة “العمارة النجدية”، ليخوضوا ورشة عمل مع خبراء مختصين يستكشفون أساليب التصميم اللافتة في المملكة العربية السعودية، كما أتاحت الورشة فرصة مثمرة للتركيب باختيار الأطفال لواجهات معينة لمنطقة من اختيارهم، حتى يستحوذ الطفل على القطعة التي أنتجها.
وعلى الصعيد ذاته، انغمس الأطفال في موقع المهرجان (كورنيش الخبر) بنشاط “كنوز تاريخية”، الذي كان بمثابة بطاقة عبور إلى مدارس الفن التشكيلي، سواء السعودي أو العالمي، من خلال إعادة رسم لوحات فنية شهيرة تعود لتلك المدارس. كان للأدوار الأدائية نصيب وافر من المهرجان، إذ تنوّعت الأنشطة بين أفكار إثرائية وعروض مسرحية مثل مسرحية “رحلة وطن”. في هذه المساحة، استطاع الأطفال اختيار أدوارهم، وتُوّجت جهودهم بعروض مسرحية هادفة مثل عرض “اكتشاف أول بئر نفط في المنطقة الشرقية”.
تابع الأطفال رحلتهم ليحطوا رحالهم بين الأزياء التقليدية، التي اشتملت على قطع فريدة من الإكسسوارات والمجوهرات، يرافقهم مرشد متخصص لتعريفهم بالمحتويات التراثية التقليدية وعلاقتها بمناطق المملكة. كان للنكهات السعودية حضور مميز، وأبرزها سرد رحلة البن الخولاني السعودي من البذرة حتى الحصاد، بوصفه أحد مكونات التراث غير المادي المسجلة في منظمة اليونسكو.
ولأننا على مشارف عام الحرف التقليدية 2025، اختار المهرجان نشاطًا بعنوان “جواهر معرفية”، الذي تضمّن ورشة تجليد الكتب كإحدى الحرف التقليدية. تمكن الأطفال من إدراك مفهوم صيانة الكتب والمحافظة عليها بمساعدة مدربين مختصين. كما تضمّن نشاطًا آخر بعنوان “أرض الكنوز”، حيث تعلم المشاركون العمليات الأساسية لأعمال التنقيب والأبحاث الأثرية، متتبعين تسلسلًا زمنيًا من الأقدم إلى الأحدث للاكتشافات الأثرية لحضارات المملكة.
إلى جانب ذلك، استمتع الزوار بالزوايا الفنية والتصويرية ورحلة النجومية، إضافة إلى “حكايات وطنية” لتعزيز الحس الإبداعي في كتابة القصص. تضمن المهرجان أيضًا مسرح دمى الأطفال والآلات الموسيقية، مما يسهم في تنمية المواهب المحلية وإعداد جيل واعٍ قادر على تلبية متطلبات المرحلتين الحالية والمستقبلية.
عبّرت العديد من العائلات عن شكرها لوزارة الثقافة على جهودها في نشر مفهوم الإبداع الثقافي وتفعيل اليوم العالمي للطفل، فضلًا عن منحهم مساحات استكشافية لمعرفة ميول أبنائهم وتعزيز حصيلتهم المعرفية وقدراتهم الأدائية.