قبة الأحساء شاهدة على التاريخ، على شهرتها كقبلة وموطن للعلم والعلماء منذ القدم، كشهرتها بالنخيل والتمور والمياه والتجارة والزراعة. فمنذ أكثر من 400 سنة، بدأت أول مدرسة في الأحساء، وهي مدرسة القبة عام 1019هـ في حي الكوت، وكذلك مدرسة الشلهوبية عام 1183هـ، ومدرسة الشهارنة في حي الرفعة عام 1200هـ، ومدرسة الشريفة عام 1305هـ، ومدرسة القرين عام 1312هـ. فيما تعد مدرسة النجاح أول مدرسة شبه نظامية أسسها الشيخ حمد النعيم عام 1343هـ. كما اشتهرت الأحساء في تلك الحقبة الزمنية بالأربطة العلمية، التي كان لها دور كبير في خدمة طلاب العلم سواء من داخل الأحساء أو خارجها، ومنها رباط علي باشا، ورباط آل عمير، ورباط الملا.
وكانت لمرحلة الكتاتيب بعد القرن العاشر دور كبير في التعليم بالأحساء، من خلال “المطوع” باستخدام ألواح من الخشب أو الكتابة على الجدران باستخدام “الجص الأبيض”، بطريقة التلقين وترديد بعض الحروف مثل:
• “ألف لا شيلة، باء نقطة من تحت، تاء نقطتين من فوق”.
• ترديد عبارات مثل: “بن، بين، بون – فتحتين، نصبتين، ضمتين”.
ومن الذاكرة، عند ختمة أو حفظ أحد الأطفال للقرآن أو أجزاء منه، كان يتم الاحتفال به مع ترديد بعض الأهازيج، مثل:
• “الحمد لله الذي هدانا بفضله علمنا القرآن”.
• “خاتمين خاتمين جزء عم مع ياسين، حافظين حافظين كل الثلاثين”.
وفي عام 1356هـ، تم افتتاح أول مدرسة حكومية نظامية، وقد عُرفت باسم المدرسة الأميرية في مبنى الحميدية بجوار سوق القيصرية في الهفوف. وفي عام 1362هـ، تخرجت أول دفعة وعددها سبعون طالبًا. ثم تتابع بعد ذلك افتتاح المدارس والمعاهد الحكومية بمختلف المراحل وفي شتى التخصصات.
اليوم، وصل عدد المدارس في الأحساء إلى قرابة ألف مدرسة للبنين والبنات، منتشرة جغرافيًا في جميع أنحاء الواحة. وعلى مقاعدها ما يقارب 270 ألف طالب وطالبة، يقوم على تعليمهم نحو 20 ألف معلم ومعلمة.
وكان للإدارة العامة للتعليم بالأحساء، منذ ارتباطها مباشرة بوزارة التعليم عام 1405هـ، دور كبير في دعم العملية التعليمية، من خلال:
• إتاحة خدمات التعليم لكافة شرائح الطلاب.
• تحسين استقطاب المعلمين وإعدادهم وتأهيلهم وتطويرهم.
• تحسين البيئة التعليمية المحفزة للإبداع والابتكار.
• تعزيز القيم والمهارات الأساسية للطلبة.
وقد حققت الإدارة منذ ذلك التاريخ إنجازات وجوائز محلية وعالمية، ونظمت وشاركت في العديد من المؤتمرات والمناسبات والفعاليات الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى برامج المسؤولية المجتمعية.
من أبرز إنجازات عام 2024:
• حملة “التعلم مدى الحياة”.
• تكريم ما يقارب 100 مدرسة للبنين والبنات حققت نسبة اجتياز (50% وأعلى) في اختبار نافس.
• تحقيق 17 طالبًا وطالبة جوائز دولية ومحلية في “تايسف” و”آيسف”.
• تدريب 18 ألف طالب وطالبة على الأمن والسلامة من خلال 300 دورة.
• تنظيم معرض “إبداع الأحساء 2025”.
• تسجيل 146% من الطلبة في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي.
• الاحتفال بـ 350 حافظًا لكتاب الله من خريجي المرحلة المتوسطة و418 حافظة للقرآن الكريم من مدارس تحفيظ القرآن.
إنجازات طلابية مشرفة:
• الميدالية الفضية في أولمبياد الفيزياء الأوروبي بجورجيا، والميدالية الفضية في أولمبياد الفيزياء الدولي 2024 بإصفهان، والميدالية الذهبية في الأولمبياد الخليجي للفيزياء، من نصيب الطالب مازن الشخص.
• الميدالية الفضية في أولمبياد الرياضيات الدولي 2024 بإنجلترا، من نصيب الطالبة هادي العيثان.
• فريق To The Top، المكوّن من خمس طالبات، حصد مراكز متقدمة في مسابقة كأس التخيل العالمية بتنظيم مايكروسوفت.
ثم ماذا بعد… يا تعليم الأحساء؟
بعد تلك الإنجازات، ما المفاجآت القادمة المنتظرة من تقديم خدمات تربوية وتعليمية بكفاءة وفاعلية للطلبة، وتحسين البيئة التعليمية، وإنشاء مدارس نموذجية بأحدث التجهيزات والتقنيات كبيئة جاذبة للتعليم؟
ختامًا… تعليم الأحساء يسابق الزمن لصناعة عقول أحسائية بمواصفات عالمية.
وليد بن محمد الشويهين
باحث دكتوراه في الإعلام وتكنولوجيا الاتصال
@shwyheenw