اشتهرت الأحساء بالطب الحديث والشعبي، فمنذ أكثر من 100 عام، وتحديداً في عام 1344هـ، بدأت الدولة بالاهتمام بصحة المواطن في مختلف مناطق المملكة. وأنشئت في الأحساء وحدة صحية في مبنى مستأجر بالقرب من سوق القيصرية، كانت تقدم خدماتها الصحية والعلاجية. وفي عام 1369هـ، افتُتح مستشفيان صغيران في عمارات مختلفة بالهفوف، وفي عام 1380هـ تم افتتاح مستشفى الملك فيصل، كما تم افتتاح المستشفى المركزي (مستشفى الملك فهد بالهفوف) الذي يُعد المستشفى المرجعي في المحافظة عام 1400هـ، إلى أن تم إنشاء مديرية الشؤون الصحية في عام 1405هـ. وتبقى الذاكرة الأحسائية حاضرة في السبعينات الميلادية بأسماء مثل “الأصفر” و”الرصاصي” مجبر العظام الشعبي، والعطار بسوق القيصرية أحمد الخليفي المعروف بـ (أحمد بدو)، وغيرهم من مشاهير الطب في الأحساء.
وتعد الأحساء من أوائل المناطق والمحافظات في المملكة التي طرقت أبواب التعليم الصحي، حيث تم افتتاح المعهد الصحي للبنات في عام 1387هـ، والمعهد الصحي للبنين في عام 1405هـ، ثم تحويله إلى كلية العلوم الصحية المتوسطة في عام 1415هـ.
اليوم، تشهد الأحساء طفرة صحية ليست فقط على مستوى المملكة، بل على مستوى العالم، حيث تضم (11) مستشفى حكومياً منها: (6) مستشفيات عامة و(5) مستشفيات متخصصة، و(75) مركزاً صحياً حكومياً، وأكثر من 2000 سرير، وتقديم الخدمات الصحية لأكثر من مليون مستفيد، بالإضافة إلى وجود عدد من المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة.
كما اشتهرت الأحساء بصرح صحي لمعالجة أمراض وجراحة القلب من خلال مركز الأمير سلطان للقلب الذي تم افتتاحه عام 1430هـ، ويضم أشهر الأطباء السعوديين العالميين.
في الأول من سبتمبر من عام 2020م، انطلقت أعمال “تجمع الأحساء الصحي” كمنظومة مؤسسية تشرف على القطاع الصحي الحكومي، وذلك استمراراً لجهود مديرية الشؤون الصحية “فرع وزارة الصحة بالأحساء”، لتحقيق تحول مستدام في الرعاية الصحية نحو نظام صحي شامل يتمحور حول أفراد المجتمع، وبالتالي توفير خدمات عالية الجودة.
وفي هذا العام 2024م، دخلت الأحساء موسوعة جينيس للأرقام القياسية عن أكبر تجمع بشري في العالم لمرضى السكري من النوع الأول بعدد 752 مستفيداً في وقت واحد من خلال مركز ديابيتر، وافتتاح (6) مشاريع صحية، ونجاح الفريق الطبي بمركز الأمير سلطان للقلب في إجراء أول عملية قسطرة تداخلية في المنطقة، و(70) قسطرة قلبية في الجمهورية اليمنية ضمن جهود مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والفوز بالمركز الأول في جائزة أفضل أداء في مبادرات نموذج الرعاية الصحية عن مسار السكري، ونجاح فريق جراحي متخصص في مستشفى الجبر للعيون والأنف والأذن والحنجرة من إجراء أول عملية لزراعة أنبوب خافض لضغط العين وعلاج الماء الأزرق بطول 8 ملم، وتفعيل قسم العمليات الجراحية بمستشفى الملك فهد بالهفوف خلال الفترة المسائية، وتدشين (24) عيادة أسنان إضافية، والفوز بالمركز الأول في جائزة أداء الصحة في نسختها السادسة على مستوى المملكة، وتدشين أول وحدة للتبرع بالأعضاء في مستشفى الملك فهد، وتحقيق أداء متميز ومراكز متقدمة في برنامج وازن، وحصول (5) منشآت على شهادة الاعتماد من المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية “سباهي”، وتسجيل التجمع كمركز معتمد من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية لتنفيذ ورش تدريبية للبرامج الصحية.
وكان لكبار السن اهتمام ورعاية خاصة، ففي هذا العام تلقى 1200 مستفيد خدمات ورعاية صحية شاملة، وتنفيذ 6400 زيارة، وتسجيل 200 مستفيد في برنامج الرعاية المنزلية، ومتابعة الأمراض المزمنة، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
وفي النصف الثاني من هذا الشهر، وفي بادرة هي الأولى على مستوى المملكة، وبدعم من سمو محافظ الأحساء، وقع التجمع اتفاقية تعاون استراتيجية مع جامعة الملك فيصل لتشغيل المستشفى الجامعي بتكلفة (2 مليار) ريال، وعلى مساحة مليون م²، بسعة سريرية تصل إلى 400 سرير، لتقديم كافة الخدمات الصحية والتعليمية والتدريبية والبحثية.
وكان للتجمع دور إيجابي في توعية وتثقيف المجتمع صحياً من خلال تنظيم أو المشاركة في الحملات التوعوية والمعارض والملتقيات، مثل التبرع بالدم، مكافحة التدخين التقليدي والسجائر الإلكترونية، الكشف المبكر عن السرطان، مكافحة السمنة، الوقاية من ارتفاع الضغط والسكر، وتعزيز الصحة النفسية، وغيرها من الأيام العالمية التي تُعنى بالصحة.
ثم ماذا بعد … يا تجمع الأحساء الصحي !!! فبعد تلك الإنجازات، ما المفاجآت القادمة المنتظرة لتعزيز الوقاية وتسهيل الوصول إلى شبكة الرعاية الصحية؟
ختاماً… تجمع الأحساء الصحي هو مكون أصيل لتعزيز صحة الإنسان الأحسائي.