لم يكن صوت الطرق على الحجر غريب على مسامعه ولم يكن احتكاك المبرد على المسن يُشعره بالإزعاج فقد تناغم بين الأصوات وعزف بطريقتة موسيقى خاصة وسيمفونية لعشق مارسة منذ الطفولة حيث عاش بين حلم الإنجاز والإبداع ابن الـ 19 ربيعا (موسى الخرس ) الذي عشق الأحجار منذ نعومة أظفاره وتسلل إلى قلبة طموح لا يتوقف حيث لامست يداه أحجار العقيق وشكّلتها ليكون مثال للشاب الواعد في عالم صناعة الأحجار.
“المنصة الأولى” التقت موسى بن عبدالعزيز الخرس لنتعرف على تفاصيل حرفته التي سعى لصقلها وتطويرها.
يقول “الخرس”: أبلغ من العمر 19 عاما بدأت قبل ثلاث سنوات في ممارسة هوايتي بدافع الشغف والطموح الكبيرين، وإيجاد ابتكارات غير مسبوقة، في صناعة اقتصادية ذات محتوى محلي، عبر تحويل الأحجار الكريمة إلى تحف و قطع فنية ذات رونق وعبق يستهوي رواد هذه الصناعة الفريدة فكثيرا ما كان يشدني شكل الأحجار وطريقة تشكيلها فقد كان والدي وجدي مهتمين بهذه الصنعه منذ القدم ولا زالت فنمت هذه الهواية في داخلي وحرصت على تطويرها خاصة حجر العقيق لتوفره ومناسبة اسعارة وسهوله تشكيله في الحلي الخواتم والاقراط وكذلك القلائد .
من هواية لحرفة .. تطوير مستمر
وأضاف الخرس لقد حرصت على تطوير أدواتي والاستفادة من خبرة جدي موسى بن محمد الخرس ووالدي وكثيرا ما كنت اشغل وقت فراغي بهذه الهواية كصنعه وحرفة وتجارة وأحاول التوفيق بينها وبين دراستي فقد شاركت في العديد من المهرجانات والمعارض في عدة مناطق في الأحساء والرياض والخبر وأطمح أن أكون تاجرًا معروفًا ومتخصصًا في هذا المجال . كما أتمنى الالتحاق بدورات وورش تدريبية تُعنى بهذه الصناعة واعتقد ان علم الأحجار بحر عميق ودخل في العديد من الصناعات والتحف والمجسمات والاكسسوارات وليس مقتصرا على الحلي.
وتابع “الخرس”: الأحجار الكريمة منتشرة منذ القدم وعليها إقبال من الجنسين خاصة الخواتم ولها محبينها وعاشقي اقتنء الفريد منها, ومع ذلك فإن الحرفة تعاني ندرة في العاملين بها لكني حرصت على الإجتهاد رغم أن الاقبال متوسط عليها , وكثيرا من الناس لا يعرف قيمة الأحجار ولا الوقت الذي تستغرقة للخروج بشكلها النهائي. فنحن بحاجة الى زيادة الوعي بهذه الصنعه التي تعتبر رافدًا اقتصاديًا وتجاريًا هامًا.
الألماس السعودي
وأكمل “الخرس”: الممكلة لديها عدة مناظق ومحافظات تخصصت في هذه الصناعة، ومنها محافظة وادي الدواسر التي اشتهرت باستخراج حجر الكوارتز من مجاري السيول، حيث يُطلق تجار المجوهرات والذهب على هذا الحجر اسم الألماس السعودي، وسعر القيراط منه يصل إلى 3 دولار، ولكن قامت هيئة المساحة الجيولوجية برفض ذلك الاسم على الرغم من استخدامه في الأماكن التي يُباع بها الأحجار الكريمة، كما تستورد الاحجار من مصر واليمن بالذات العقيق اليمني.
وتختلف أسعار الأحجار حسب النوع والحجم، وقد تصل أسعارها إلى المئآت أو الآلاف وتزيد تبعًا لوزن الحجر وجودته، فالزمرد والياقوت والروبي: تبدأ أسعار هذه الأحجار الكريمة من بضع مئات من الريالات وتتصاعد بزيادة الوزن وجودة الحجر وندرته، أما العقيق فيمكن أن تجد أحجاره بأسعار تبدأ من عدة عشرات الريالات وتختلف اعتمادًا على الحجم والجودة والنوع وصولًا للأنواع النادرة منه التي تصل لأسعار كبيرة.
صنعة تقف بين الكساد وإعادة الأمجاد
وتبرز أهمية صناعة الأحجار الكريمة، وما تنتجه من منتجات لتبرهن القيمة المُثلى لهذا المكون الاقتصادي بأشكاله واستخداماته المتنوعة، والحديث مع موسى الخرس” اتضح أننا بحاجة الى التعريف بهذه الصنعة ووضع المبادرات لتعزيز وجودها على خارطة الأعمال علاوة على صقل الأبناء ودمجهم في تلك المهنة الأصيلة، بحد تعبيره.
وذكر الخرس ( القص , الجزل وبرد الميل ) مصطلحات تكررت الى سمعي في عالم الأحجار فالحجر يمر بعدة مراحل منها تقييم الحجر الخام ثم قصه بالمنشار المخصص وبردة وصقلة وهي مراحل تحتاج دقة ومهنية حتى نحافظ على الأحجار ولا نخسرها كما توجد طرق حدبثة بأجهزة خاصة كاليزر أو الرسم بالليزر وتختلف أسعار الأحجار، بناءً على صفائه وندرته وجماليته وغيرها من المزايا، وبعد الانتهاء من صناعتها تكون قيمتها السوقية أعلى وتصبح أكثر جمالًا بعد صقلها، حيث تبرز بوضوح معالم الحجر أكثر بعد إبداع الصاقل والصائغ في تجهيزه.
الأحجار الطبيعية والصناعية
ولندخل إلى هذا العالم أكثر، حدّثنا موسى الخرس عن أشهر الأحجار المطلوبة في عالم صوغ الأحجار الكريمة، حيث يكثر الطلب على أحجار الفيروز وأحجار المرجان والزبرجد والعقيق، مُضيفًا: “نقوم بتجميع هذه الأحجار ثم يتم تقطيعها وتشكيلها عن طريق ماكينة التقطيع والتلميع ويتم التعرّف على الأحجار الكريمة ذات الشكل والعروق والألوان المميزين، بالإضافة إلى بعض الطرق التي تستدعي وجود خبير، وهو الذي يستطيع التفرقة بين الحجر الكريم ونصف الكريم والحجر المزيف والمقلد.
وتابع، بعض الأحجار الموجودة مثل خام الكهرمان يوجد منه الطبيعي وغير الطبيعي، وهو يشبه بشكل كبير الحجر الكريم الطبيعي، ولا يمكن أن يفرق بينهما غير المتخصص، فهناك صناعة قائمة بذاتها على صنع أشباه الأحجار الكريمة وتستخدم فيها مواد طبيعية لتجعلها مشابهة بصورة كبيرة للأحجار الطبيعية، لكن العاملين بالمجال يستطيعون التفريق بين الطبيعي والصناعي بحجم الخبرة.
رافدًا اقتصاديًا وتجاريًا مهمًا
وختم الخرس حديثه متمنيًا أن تجد صناعة الأحجار رواجًا واهتمامًا فهي تجارة مميزة وتعد رافدًا اقتصاديًا وتجاريًا مهمًا، كما أتمنى تبني المبادرات الهادفة التي تُشجع الشباب السعوديين على تعلم مهنة صقل الأحجار الكريمة وكيفية تطوير هذه الصناعة لتكون مصدر رزق وباب للكسب والشهره ليس على المستوى المحلي فحسب بل عالميًا.